ألمانيا تحث أوروبا على تخفيف القواعد المالية لتعزيز نفقات الدفاع

دعت ألمانيا الاتحاد الأوروبي إلى إصلاح قواعده المالية للسماح للدول بزيادة الإنفاق الدفاعي، في تحول كبير لبلد يعرف بضبط الإنفاق.
وفاجأ مبعوث ألماني إلى الاتحاد الأوروبي زملاءه في بروكسل، أمس الأربعاء، عندما دعا الكتلة إلى منح الدول الأعضاء مساحة إضافية في الموازنة لتعزيز الإنفاق الدفاعي على المدى البعيد في ظل الظروف الجيوسياسية، وفقاً لمصادر مطلعة. ومن المتوقع أن يناقش زعماء الاتحاد الأوروبي التعديلات المحتملة على القواعد المالية للاتحاد خلال اجتماعهم، اليوم الخميس، بينما رفض المتحدث باسم الحكومة الألمانية في بروكسل التعليق على الأمر.
ويسارع الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء إلى تعبئة تريليونات اليوروهات في تمويل إضافي للدفاع لمواجهة تهديد العدوان الروسي والتعويض عن التراجع الحاد للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن التزام الولايات المتحدة بأمن أوروبا.
وواصلت السندات الحكومية الأوروبية تراجعها بعد التقرير، إذ استعد المستثمرون لإصدارات إضافية، وبلغ العائد على السندات الإيطالية والفرنسية لأجل 10 أعوام أعلى مستوياته خلال الجلسة، مرتفعاً بنحو 20 نقطة أساس لكل منهما، أمس الأربعاء، وجاء الجزء الأكبر من هذا الارتفاع بعد الإعلانات المالية الألمانية، مساء أول من أمس الثلاثاء، التي دفعت العوائد واليورو إلى الارتفاع الكبير.
وأعلن المستشار الألماني المرتقب فريدريش ميرتس، مساء أول من أمس الثلاثاء، أن الحكومة ستعدل الدستور لاستثناء الإنفاق الدفاعي والأمني من القيود على الإنفاق المالي، مؤكداً أنها ستفعل “كل ما يلزم” للدفاع عن البلاد.
وقال إنه بدعم من شركائه المحتملين في الائتلاف، يخطط أيضاً لإنشاء صندوق بنية تحتية بقيمة 500 مليار يورو (528 مليار دولار) للاستثمار في أولويات مثل النقل وشبكات الطاقة والإسكان على مدى 10 أعوام.
تعبئة 863.5 مليار دولار في الإنفاق الوطني
وتشكل التحولات في برلين تحدياً لأعضاء الاتحاد الأوروبي الـ26 الآخرين قبل اجتماعهم، اليوم الخميس، لمناقشة كيفية زيادة الإنفاق العسكري عبر التكتل، ومع كون برلين عادة صوتاً قوياً ضد زيادة النفقات، إلا أن هذا التغيير يعد نقطة تحول في مجال الدفاع الأوروبي.
من المتوقع أن تصادق قمة الاتحاد الأوروبي، اليوم، على تفعيل آلية تتيح زيادة الإنفاق الدفاعي على مدى الأعوام الأربعة المقبلة، وأعلن الاتحاد الأوروبي، بصورة منفصلة، أول من أمس، عن خطة قد تتيح تعبئة ما يصل إلى 800 مليار يورو (863.5 مليار دولار) في الإنفاق الوطني الإضافي، بما في ذلك 150 مليار يورو (161.9 مليار دولار) على شكل قروض من الاتحاد إلى الدول الأعضاء للاستثمار في الدفاع.
وخلال المناقشة المغلقة، أمس الأربعاء، قال المبعوث الألماني إن التدابير التي يجرى النظر فيها حتى الآن ستكون موقتة فحسب، وأن الكتلة تحتاج إلى استكشاف سبل لتغيير القواعد المالية بصورة أكثر ديمومة، وفقاً للأشخاص الذين تحدثوا لـ”بلومبيرغ” شريطة عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة المحادثات الحساسة.
وتحدد قواعد موازنة الاتحاد الأوروبي حداً لديون الدول الأعضاء بنسبة 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي والعجز بنسبة ثلاثة في المئة. وحتى قبل عام، كانت ألمانيا تعارض الدعوات لإضافة مزيد من المرونة في القواعد الأوروبية لأولويات تشمل الدفاع.
الرقابة على الموازنة
وفي الأعوام الأخيرة، اصطدمت ألمانيا مع الدول الأعضاء الجنوبية في شأن الرقابة على الموازنة، متحدة مع دول محافظة مالياً مثل هولندا التي قدمت استقبالاً بارداً للتحول الذي أجرته برلين، أمس، وفقاً للأشخاص الذين تحدثوا لـ”بلومبيرغ”.
وأشار المستشار الألماني المنتهية ولايته أولاف شولتز للمرة الأولى إلى احتمال التراجع عندما تحدث في مؤتمر ميونيخ للأمن الشهر الماضي ودعا دول الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز قدراتها الدفاعية.
وقال شولتز في الـ15 من فبراير (شباط) الماضي، “أقترح أن نقدم استثناء في ميثاق الاستقرار في الاتحاد الأوروبي لجميع الاستثمارات في المعدات الدفاعية التي تتجاوز هدفنا الحالي لحلف الـ’ناتو’ البالغ اثنين في المئة، لفترة محدودة مع الحفاظ على صلابة المالية لجميع الدول الأعضاء. ألمانيا مستعدة للقيام بذلك”.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومنذ ذلك الحين، اتسعت الهوة بين أوروبا والولايات المتحدة بصورة أكبر بعدما أوقفت إدارة ترمب المساعدات العسكرية لأوكرانيا، وقال محللو الاقتصاد “تعتقد المفوضية الأوروبية أنه يمكنها تعبئة 800 مليار يورو (863.8 مليار دولار) أو نحو 4.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي، من خلال تدابيرها الأخيرة لتعزيز الإنفاق الدفاعي، لكن نظرة على التفاصيل تشير إلى أن الحزمة أقل ثورية مما قد يبدو، فبينما تعمل هذه الإجراءات لمصلحة ألمانيا، التي أطلقت بالفعل خطتها الدفاعية الضخمة، إلا أنها ستفعل القليل لمساعدة الدول التي تعاني مساحة مالية محدودة. وبالنسبة إلى تلك الحكومات، تبقى سوق السندات العقبة الرئيسة أمام إعادة التسلح”.
وفي مواجهة هذه الحقيقة الجديدة، توصل ميرتس الذي فاز في الانتخابات الوطنية في الـ23 من فبراير الماضي، إلى اتفاق مع الحزب الاجتماعي الديمقراطي بقيادة شولتز، مساء أول من أمس، يقضي بتعديل الدستور لتمكين الإنفاق على الدفاع والأمن من الخضوع لحدود الإنفاق المالي.
واجتمع ميرتس مع شولتز في مكتب المستشار، صباح أمس، لمناقشة التبعات السياسية لحزمة الديون، وأجرى اتصالاً مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ووعده بدعم ألمانيا العسكري المستمر.
وسيسافر كل من شولتز وميرتس إلى بروكسل، اليوم، إذ سينضم زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي إلى اجتماع حزب الشعب الأوروبي، بينما سيحضر المستشار المنتهية ولايته اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي، وستجري مناقشة التخفيف المخطط للقواعد المالية.