عالمي

تعافي الأسواق المتضررة من الصراعات يتصدر جلسات “مؤتمر العلا”

أعلنت السعودية وصندوق النقد الدولي اليوم الإثنين عن دعم تعافي الاقتصادات المتضررة من الصراع في الشرق الأوسط. جاء ذلك على هامش المؤتمر العالمي السنوي حول اقتصادات الأسواق الناشئة في العلا الذي عُقد يومي الـ16 والـ17 من فبراير (شباط) الجاري، حيث استضافت وزارة المالية السعودية وصندوق النقد الدولي مائدة مستديرة رفيعة المستوى حول “العمل معاً لدعم التعافي في الاقتصادات المتضررة من الصراع في الشرق الأوسط” التي جمعت وزراء مالية دول المنطقة ووزير خارجية سوريا وممثلين عن البنك الدولي ورؤساء المؤسسات المالية الدولية الأخرى ومجموعة التنسيق العربية.

وأفاد بيان مشترك للصندوق وزارة المالية السعودية بالقول، “جمع هذا الاجتماع المهم ممثلين من الشرق الأوسط والشركاء الاقتصاديين والتنمويين الرئيسين لمناقشة كيفية عملنا معاً لدعم التعافي في اقتصادات الشرق الأوسط المتضررة من الصراع”. ونوه البيان بإدراك “أهمية هذه المهمة والتزام العمل معاً لضمان أن تتمكن البلدان المتضررة من الصراعات من البدء في معالجة حاجاتها الإنسانية، وهذا من شأنه أن يساعدها على البدء في إعادة بناء اقتصاداتها بطريقة فعالة وسريعة ودائمة لمصلحة شعوبها”.

فهم مشترك للتحديات

رحب المشاركون بالاجتماع بوصفه “فرصة لمناقشة التطورات الأخيرة وبناء فهم مشترك للتحديات التي تواجه البلدان المتضررة من الصراع”، مؤكدين “أهمية تعزيز التنسيق لدعم تعافي هذه البلدان، إذ إن التداعيات ستؤثر في الجميع مع ضرورة إيلاء اهتمام خاص بالوضع في سوريا”.

تقييم الحاجات

اتفق المشاركون على أولويات دعم البلدان المتضررة من الصراعات مع التشخيص المستمر للتحديات والسياق الاقتصادي والاجتماعي الذي يواجه كل بلد متضرر من الصراعات، بما في ذلك تقييم الحاجات الإنسانية وإعادة الإعمار، وينبغي لمثل هذا التشخيص أن يحدد أولويات بناء المؤسسات والفجوات في السياسات وحاجات التمويل. وأكد البيان أهمية تطوير القدرات المعززة بهدف توسيع نطاق مبادرات تطوير القدرات التي ينفذها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بسرعة للمساعدة في تعزيز وبناء مؤسسات جديدة بحسب الحاجة، ولا بد من تصميم الدعم لتعزيز الوظائف الأساس للمؤسسات المالية والنقدية والمصرفية.

وبحسب البيان فإنه ستُحشد المساعدات المالية من المجتمع الدولي، وستكون هناك حاجة إلى الدعم المالي بالتنسيق مع شركاء التنمية الدوليين والإقليميين لتمويل برامج الإصلاح الشاملة، بما في ذلك إعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية. وأكد المشاركون استعدادهم للعمل معاً واستكمال جهود بعضهم بعضاً مع التركيز على تفويضاتهم المؤسسية، وأنهم سيواصلون العمل من كثب ومع شركاء آخرين لدعم الاستجابة الدولية لتعافي الاقتصادات المتضررة من الصراعات في منطقة الشرق الأوسط.

إنشاء مجموعة تنسيق غير رسمية

اتفق المشاركون على إنشاء مجموعة تنسيق غير رسمية لدعم هذه الجهود، وستتواصل المناقشات في اجتماعات الربيع المقبل لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في الفترة من الـ21 حتى الـ26 من أبريل (نيسان) المقبل في واشنطن.

 

من جهته قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن التعاون مع صندوق النقد الدولي يتضمن أمراً مهماً وهو الاهتمام بالاقتصادات الناشئة، إذ يجب أن يكتسب الصندوق مزيداً من الثقة والمعلومات عند التعامل مع تلك الاقتصادات.

وأضاف الجدعان، “لدينا شيء لنخبر العالم به، وتحدثنا خلال مؤتمر العلا عن أشياء سلبية وأخرى إيجابية، ويجب أن يتفهم العالم المشكلات التي تواجهها الاقتصادات الناشئة”. وأوضح أن الاقتصادات المتقدمة لديها عديد من الأمور التي يجب أن تناقش لمساعدة الدول الأخرى، وذلك من خلال الاستماع إلى القضايا العالقة والمشكلات المهمة لحل أية تحديات بصورة أفضل.

وتابع الوزير، “ذهبت إلى اجتماعات مجموعة الـ20، وكان هناك عديد من الضغوط من الاقتصادات المتقدمة، لكن أعتقد أن صوتنا مسموع، ونحن لا نتحدى الاقتصادات المتقدمة، لكن نريد أن يكون العالم أفضل من خلال مساعدة الاقتصادات الناشئة”.

نجاحات كبرى

خلال فاعليات اليوم الثاني من “مؤتمر العلا لاقتصادات الأسواق الناشئة” قال وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي فيصل الإبراهيم إن الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية نجحت في الانتقال من معدلات الدخل المتدني إلى المستوى المتوسط، وهذا تأتي معه نجاحات كبرى، ويمثل فرصاً مهمة للنمو.

وأضاف الإبراهيم، “هناك أخطار كبرى تحدثنا عنها ومنها الأخطار التي قد تنتج من الذكاء الاصطناعي التوليدي وتؤثر في أصحاب الدخل المتوسط، إذ يجب استغلال الذكاء الاصطناعي لتحقيق التقارب وليس التباعد”. وأوضح، “يمكن الحصول على فرص للنمو والتقدم وأن الوضع جيد، وليس هناك أخطار، لكن إذا نظرنا بصورة أوسع على العملية الاستثمارية فقد نجد كثيراً من الأسئلة التي يمكن أن تدور في الأذهان”. وقال إن “القرار الجريء الذي اتخذه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بإطلاق العنان للاقتصاد السعودي والخروج من الاعتماد على النفط أسهم في توفير الفرص للقطاع الخاص ودعم الابتكار الإبداعي وفتح الأسواق للمبتكرين من الداخل، إضافة إلى المبتكرين من الخارج الذين جاءوا إلى السعودية لمساعدتنا على تحقيق التنوع في مصادر النمو”.

وأضاف الإبراهيم، “يجب الانتباه إلى أهمية اتخاذ إصلاحات جادة لمعالجة أزمات التجارة العالمية وإزالة التحديات التي تواجه عملية النمو الاقتصادي، وهذا ما تحتاج إليه الاقتصادات الناشئة خلال الفترة الحالية”، مشيراً إلى أن “مؤتمر العلا” يمثل فرصة مهمة لمحاولة التفكير في المستقبل، ومشاركة الأفكار على مستوى الأسواق الناشئة وتوفير فرص النمو والتطور لها.

وقال وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، “هناك بعض القطاعات في السعودية استفادت من تقنيات الذكاء الاصطناعي ومنها قطاع الطاقة، ونرى الآن شركات تستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل شركة ‘أرامكو’ بسبب توافر البيانات الجاهزة للاستخدام”.

إصلاحات شاملة

من جانبه قال وزير المالية البرازيلي فرناندو حداد إن بلاده تعمل على تنفيذ إصلاحات شاملة لضمان استقرار الاقتصاد وتعزيز النمو المستدام، مشيراً إلى أن قيمة الدولار في البرازيل عادت إلى مستوياتها الطبيعية أمام العملة المحلية (الريال البرازيلي)، إذ انخفضت بنسبة 10 في المئة خلال الـ60 يوماً الماضية.

وأضاف الوزير خلال جلسة نقاشية حول تعزيز مرونة الأسواق الناشئة في “مؤتمر العلا” التي أدارتها مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا أن البرازيل تهدف إلى تحقيق معدل نمو اقتصادي يبلغ 3.4 في المئة، مما سيسهم في خفض معدلات التضخم وأسعار الفائدة، بالتالي تحقيق الأهداف الاقتصادية المنشودة وانعكاس ذلك على المؤسسات المالية على المدى القصير.

 

وأوضح حداد أن معدل التضخم السنوي الحالي يبلغ نحو 3.4 في المئة، ويجري التعامل مع هذا الملف في ظل ارتفاع الدولار الأميركي مع الأخذ في الاعتبار الظروف المحلية والدولية. وأشار إلى أن قيمة الصادرات البرازيلية بلغت 600 مليار دولار، لافتاً إلى أن بلاده سجلت أدنى معدلات بطالة في تاريخها بفضل الإصلاحات الاقتصادية المستمرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكد الوزير أن الحكومة البرازيلية تعمل على تنفيذ إصلاحات ضريبية تهدف إلى دعم المستثمرين وتحفيز الصادرات مع توقعات بأن تظهر آثار هذه الإصلاحات بصورة كاملة بحلول عام 2027.

من جانبها أكدت غورغييفا خلال الجلسة على التحديات التي تواجه الأسواق الناشئة في ظل التعقيدات الاقتصادية المتزايدة، مشيرة إلى أهمية تبني سياسات مالية مرنة لمواجهة الأزمات المتكررة.

التحديات المالية لا تزال مرتفعة

وفي الجلسة ذاتها قال وزير الخزانة والمالية التركي محمد شمشيك إن التحديات المالية لا تزال مرتفعة، لكنها في طريقها إلى التحسن، لافتاً إلى أن بلاده تعمل على تعزيز الوعي المالي لمواجهة التضخم المرتفع.

وأضاف الوزير التركي أن الحكومة التركية استثمرت أكثر من 7 مليارات دولار في العامين الماضيين (نحو 6 في المئة من إجمال الدخل القومي) لبناء مدن جديدة وتعزيز البنية التحتية، مما أثر في العجز المالي، لكنه يظل تحت السيطرة مع سعي الحكومة إلى خفضه من 5 إلى 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وأوضح الوزير التركي أن تحقيق نمو اقتصادي بنسبة اثنين في المئة سيساعد البنك المركزي لبلاده في السيطرة على التضخم، مؤكداً أن الوقت هو العامل الحاسم في نجاح هذه الإصلاحات، مشيراً إلى أن الإدارة الاقتصادية الفعالة هي مفتاح تحقيق الاستدامة.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى