المصرفي الإسباني “سانتاندير” يدرس الانسحاب من بريطانيا
يدرس عملاق البنوك الإسباني “سانتاندير” مغادرة بريطانيا بسبب ما سماه التعقيدات التنظيمية المفرطة، وهو قرار سيؤثر في ملايين العملاء وعشرات الآلاف من الموظفين.
وتدرس الشركة المصرفية الإسبانية الانسحاب من بريطانيا في وقت تقيم خلاله تعاملاتها التجارية المستقبلية.
ووفقاً لصحيفة “فاينانشيال تايمز” يعتقد أن سبب التفكير في مغادرة بريطانيا يعود إلى الإحباطات المتعلقة بالقوانين البريطانية التي أدخلت بعد الأزمة المالية العالمية في 2008، مما أدى إلى خفض العوائد للبنك مقارنة بالأسواق الأخرى.
وطُلب من البنوك الكبرى بعد الأزمة المالية العالمية فصل أنشطتها المصرفية التقليدية عن استثماراتها الأكثر مخاطرة وأنشطتها الدولية، وهو ما يعتقد عملاق البنوك أنه أسفر عن عوائد أقل مقارنة بأسواق أخرى مثل إسبانيا.
وذكرت الصحيفة أن أحد كبار التنفيذيين السابقين في “سانتاندير” قال إن “بيع البنك كان دائماً احتمالاً” نتيجة لذلك.
ويقول المطلعون إن المسؤولين التنفيذيين يرغبون في تحويل تركيزهم إلى مناطق النمو مثل الولايات المتحدة بعدما تراجعت أسعار الأسهم بنسبة الثلث في أكثر من 10 سنوات.
وبموجب الخطط المقترحة سيتراجع البنك، الذي استعان بمقدمي البرامج التلفزيونية أنت مكبارتلين ودكلان دونيلي في حملته الإعلانية عن الأنشطة المصرفية التقليدية والتجارية في بريطانيا، لكنه سيحتفظ ببعض الأنشطة الاستثمارية والشركات.
وهناك نحو 14 مليون عميل للبنك قد يتأثرون إذا نفذت الخطط المزعومة، إضافة إلى نحو 20 ألف موظف عبر 444 فرعاً في بريطانيا، علاوة على أن البنك يحتفظ بنحو 200 مليار جنيه استرليني (243.8 مليار دولار) في قروض العملاء.
ويأتي ذلك بعدما طلبت وزيرة الخزانة ريتشل ريفز من رؤساء الهيئات التنظيمية البريطانية المساعدة في إنعاش الاقتصاد البريطاني من خلال “إزالة الحواجز التنظيمية التي تعوق النمو”.
الخزانة وأول استراتيجية للنمو
تعهدت ريفز العام الماضي إلغاء القيود التنظيمية لمدينة لندن بعدما ادعت أن التشريعات التي فرضت بعد الأزمة المالية في 2008 “تجاوزت الحد”.
وفي خطابها الأول بقصر مانشستر خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قالت، “بينما كان من الصواب أن تجري الحكومات المتعاقبة تغييرات تنظيمية بعد الأزمة المالية العالمية لضمان مواكبة التنظيم للاقتصاد العالمي في ذلك الوقت من المهم أن نتعلم دروس الماضي”. وأضافت، “أسفرت هذه التغييرات عن نظام سعى إلى القضاء على المخاطرة، وذهب ذلك بعيداً، وفي بعض الأماكن كانت له عواقب غير مقصودة يجب علينا الآن معالجتها”.
وأوضحت ريفز أنها ستعمل على “تحديث” خدمة الوسيط المالي التي تعالج الشكاوى بين المستهلكين والشركات كجزء من إعادة الهيكلة.
وفي الوقت نفسه سيطلق برنامج تجريبي لإصدار “السندات الرقمية”، السندات الحكومية المرمزة التي تصدر على “البلوكتشين”، في خطوة لاحتضان التكنولوجيا بصورة أفضل.
وستتشاور الحكومة في شأن استبدال نظام الشهادات الذي يهدف إلى تعزيز نزاهة السوق ويطبق على الموظفين من دون المستوى الإداري الأعلى، بنهج أكثر “تناسباً” يقلل الكلفة حتى تتمكن الشركات من “التركيز على النمو”، بحسب ما أفادت وزارة الخزانة.
وتعهدت ريفز أن الحكومة ستنشر أول استراتيجية للنمو والقدرة التنافسية في الخدمات المالية في الربيع المقبل، والتي تهدف إلى توفير اليقين طويل الأمد للقطاع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واقترحت ريفز التركيز على خمسة مجالات أولوية في الخدمات المالية للاستفادة من نقاط القوة الحالية في بريطانيا، وتعزيز إمكانات النمو، بما في ذلك التكنولوجيا المالية والتمويل المستدام وإدارة الأصول والخدمات التجارية والتأمين وإعادة التأمين والأسواق المالية.
ويأتي ذلك بعدما تعهد رئيس الوزراء كير ستارمر في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي بـ”اقتلاع” البيروقراطية التي تعرقل الاستثمار في بريطانيا.
ووعد ستارمر بإلغاء البيروقراطية التي تعرقل تطوير المنازل والبنية التحتية، مؤكداً أنه سيفعل “كل ما في وسعي لتحفيز النمو”. وقال للمستثمرين والرؤساء التنفيذيين في قمة الاستثمار الدولية، “علينا أن نلقي نظرة إلى التنظيمات التي تعوق الاستثمار بصورة غير مبررة لدفع بلادنا للأمام”.
وأضاف ستارمر، “حيثما كانت هذه التنظيمات تمنعنا من بناء المنازل ومراكز البيانات والمستودعات وموصلات الشبكات والطرق وخطوط السكك الحديد، وغيرها، فتذكروا كلماتي: سنقضي عليها. سنقتلع البيروقراطية التي تعوق الاستثمار، وسنتأكد من أن كل جهة تنظيمية في هذا البلد تأخذ النمو بالجدية نفسها التي يتعامل بها هذا الاجتماع”.
إغلاق فروع أكثر من 100 بنك
في غضون ذلك من المتوقع أن تغلق فروع أكثر من 100 بنك هذا العام في ضربة جديدة للشوارع الرئيسة في بريطانيا، وسيغلق بنك “لويدز” 51 فرعاً هذا العام، بينما سيغلق بنك “هالي فاكس” 46 من فروعه، وستغلق سبعة أفرع من بنك “تي أس بي” في حين أن 16 فرعاً آخر لبنك اسكتلندا ستغلق أيضاً، وبدأت عمليات الإغلاق هذا الشهر، ومن المقرر أن تستمر حتى سبتمبر (أيلول) 2025.
ووفقاً لبيانات “ويتش” أغلقت البنوك والجمعيات السكنية 6214 فرعاً منذ يناير (كانون الثاني) 2005، وهو ما يعادل 53 فرعاً شهرياً.
وقال متحدث باسم “سانتاندير المملكة المتحدة” لصحيفة “تليغراف”، “بريطانيا هي سوق أساس لـ(سانتاندير)، ولم يتغير ذلك”.