التصعيد في البحر الأحمر يرفع كلفة الشحن أكثر من 3 أضعاف
أدى التصعيد العسكري في البحر الأحمر في الأيام الأخيرة إلى ارتفاع كلفة الشحن البحري بأكثر من ثلاثة أضعاف، بحسب ما أوردته أحدث البيانات من شركات متابعة الشحن في آسيا.
وتوالت إعلانات شركات كبرى عن الأضرار الناجمة عن عرقلة الملاحة عبر الممر المهم من باب المندب إلى قناة السويس، وفي الوقت نفسه بدأت البنوك المركزية في بعض الاقتصادات الكبرى تتحسب لعودة الضغوط التضخمية نتيجة ارتفاع الأسعار بسبب زيادة كلفة الشحن.
وارتفعت رسوم التأمين على سفن شحن الحاويات والناقلات نتيجة زيادة الأخطار واضطرار شركات الشحن البحري لتحويل سفنها إلى طرق أطول مما يزيد علاوة التأمين أيضاً فضلاً عن زيادة كلفة وقود السفن والناقلات.
وبنهاية الأسبوع، ارتفع مؤشر “شنغهاي لشحن الحاويات”، وهو المؤشر القياسي لكلفة الشحن البحري، إلى 3.1 ألف دولار من 2.8 ألف دولار، وبحسب بيانات شركة اللوجيستيات العالمية “دي أس في” التي نشرتها شبكة “سكاي نيوز” يكون المؤشر قد ارتفع بنسبة 310 في المئة منذ مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وارتفعت أجور البحارة على السفن والناقلات إضافة إلى رسوم التأمين، ومما زاد من مشكلة الشحن البحري ارتفاع الطلب على السلع قبل فترة تعطل الإنتاج التي تتزامن واحتفالات الربيع في الصين التي تعني عطلة أكثر من أسبوعين الشهر المقبل بمناسبة رأس السنة الصينية.
تضرر الشركات
وكانت القوات الأميركية الموجودة في البحر الأحمر ضمن تحالف حماية التجارة شنت ضربات على مواقع للحوثيين المدعومين من إيران في اليمن للحد من قدرتهم على تهديد الملاحة التجارية في المنطقة، وأغارت الطائرات البريطانية المنطلقة من قاعدة بريطانية في قبرص على أهداف للحوثيين في اليمن.
ويهدد الحوثيون ويهاجمون السفن التجارية التي تمر عبر مضيق باب المندب، سواء كانت سفناً مرتبطة بإسرائيل أو تتعامل مع الموانئ الإسرائيلية، منذ منتصف نوفمبر الماضي، وذلك بسبب الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين في قطاع غزة، وهو ما دفع شركات الشحن البحري الكبرى مثل الدنماركية “ميرسك” والألمانية “هاباغ – لويد” و”أم أس سي” والفرنسية “سي أم أي سي جي أم” إلى تعليق مرور سفنها عبر البحر الأحمر وتحويل بعضها إلى طريق رأس الرجاء الصالح مما يعني تأخيراً ما بين 10 و15 يوماً وزيادة في كلفة الوقود بنحو مليون دولار للرحلة.
وبدأت الشركات الكبرى تعلن عن التحديات التي تواجهها نتيجة تعطل الملاحة التجارية في البحر الأحمر، ومنها شركة “أيكيا”، التي أعلنت أن بعض منتجاتها قد لا تكون متوفرة في الفترة المقبلة. وأحدث الشركات التي أعلنت عن تضررها نتيجة تعطل الملاحة التجارية عبر البحر الأحمر هي شركة السيارات الكهربائية الكبرى “تيسلا” التي أعلنت عن تعليق الإنتاج في مصنعها بألمانيا نتيجة النقص في قطع الغيار الناجم عن تأخر الشحنات.
التضخم والبنوك المركزية
وأدى التصعيد في البحر الأحمر نتيجة هجمات الحوثيين على السفن والناقلات إلى تحميل الكلفة المضاعفة للشحن البحري على أسعار السلع والبضائع، ويعني ذلك عودة الضغوط التضخمية في الاقتصاد، مما يعقد مهمة البنوك المركزية التي حاولت كبح جماح معدلات التضخم برفع أسعار الفائدة في العامين الماضيين.
وتوقفت البنوك المركزية في الاقتصادات الكبرى عن رفع أسعار الفائدة بنهاية العام الماضي مع اعتدال معدلات التضخم، وتنتظر الأسواق أن تبدأ البنوك في التيسير النقدي بخفض أسعار الفائدة المرتفعة حالياً، لكن الواضح أن البنوك المركزية الآن ستنتظر حتى ترى التأثير الكامل لاضطرابات التجارة الدولية على الأسعار في ضوء ارتفاع الكلفة نتيجة عرقلة الملاحة في البحر الأحمر.
وتصف المحللة في شركة “ثيرد بريدج” روزالين تشين الوضع بقولها “يقدر خبراؤنا أن أسعار الشحن البحري إلى أوروبا وصلت إلى ذروتها بما يعكس زيادة كلفة تحويل المسارات”. ويرى محافظ بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) أندرو بايلي أن عليه الآن أن يأخذ في الاعتبار خطر ارتفاع كلفة أسعار الشحن التي ستنعكس في فواتير الاستهلاك، من ثم معدلات التضخم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي شهادته أمام نواب البرلمان هذا الأسبوع قال أندرو بايلي “شهدنا بحسب متابعتنا لحركة الشحن البحري أن هناك تأثيراً وأن السفن تحول مسارها وسيرفع ذلك أسعار وكلفة الشحن، وأعتقد أن تلك ستكون مشكلة لواضعي السياسة النقدية في العالم”.
كلفة التأمين
وبحسب تقرير في صحيفة “فايننشال تايمز”، فإن شركات التأمين وإعادة التأمين بدأت في رفع الرسوم على السفن والناقلات المارة في المنطقة. وقال المشاركون في الأسواق إن هذه الرسوم الإضافية قفزت بمقدار 10 إلى 15 مرة في الأشهر الأخيرة.
كذلك بدأت شركات إعادة التأمين، التي تضمن أخطار عقود التأمين لشركات التأمين، في استبعاد إسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط بنصوص جديدة في العقود الجديدة، وأدرجت الشركات شروط الخروج في بعض العقود المبرمة مع شركات التأمين، كجزء من إعادة التفاوض على السياسات خلال مطلع هذا العام، في حين يقول العاملون في مجال التأمين، إن مثل هذه البنود جديدة تماماً، ولم تستخدم من قبل.
ونقلت الصحيفة في تقريرها عن بعض المصادر في القطاع أن شركات إعادة التأمين طالبت أيضاً بأسعار أعلى بكثير، ودفعت إلى وضع حد أقصى لمبلغ التغطية التي تقدمها للعملاء في إسرائيل والدول المجاورة، مثل لبنان والأردن. وذكر التقرير أن شركات التأمين منكشفة على السوق الإسرائيلية بنحو 10 مليارات دولار في الأقل.