عالمي

توقعات بفاتورة خسائر اقتصادية فادحة في إسرائيل وغزة

تراجعت أسعار الأسهم والسندات الإسرائيلية بنحو سبعة في المئة، وأغلقت عديد من الشركات أبوابها أمس الأحد، وتعرض قطاع السياحة والسفر لضربة موجعة مع إغلاق مطار تل أبيب وإعلان عديد من شركات الطيران الأجنبية تعليق رحلاتها إلى إسرائيل في ظل احتدام وتيرة المواجهات بعد يوم من قيام مسلحين من “حماس” في غزة بقتل مئات الإسرائيليين واختطاف عدد غير معروف آخرين، قابله إعلان إسرائيل الحرب على القطاع وإغلاق معظم المعابر وقطع للكهرباء والماء عن غزة، فيما يواجه القطاع خسائر ضخمة مع إغلاق المعابر وقصف إسرائيل المستمر الأبراج السكنية وتوجيه ضربات للبنية التحتية وقطع للكهرباء والمياه.

ضربة لطموحات الغاز لإسرائيل

قد يكون القتال بين إسرائيل والمسلحين في غزة أيضاً بمثابة ضربة لطموحات تل أبيب ومنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط الأوسع، وبخاصة أن إسرائيل تسعى إلى أن تصبح مركزاً لتصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا وأماكن أخرى.

تلقت هذه الطموحات دفعة عندما استحوذت شركة “شيفرون”، شركة الطاقة الأميركية العملاقة، على حصص في حقلين كبيرين للغاز البحري الإسرائيلي عندما اشترت شركة “نوبل إنيرجي” في عام 2020 مقابل نحو أربعة مليارات دولار، لتقود شركة “نوبل للطاقة” الطريق في تطوير الغاز الإسرائيلي.

وتمثل حقول الغاز الطبيعي قبالة الساحل الإسرائيلي الآن نحو 70 في المئة من توليد الطاقة الكهربائية في البلاد، مما يقلل من استخدام الفحم الملوث، وساعد الغاز إسرائيل على تخفيف اعتمادها الكبير على واردات الطاقة.

وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز” تخضع هذه المنشآت لإجراءات أمنية مشددة، على رغم أن إحدى منصات الإنتاج التي تديرها شركة “شيفرون”، والتي تسمى تامار، تقع على بعد نحو 15 ميلاً قبالة مدينة عسقلان في جنوب إسرائيل، ومن المحتمل أن تكون عرضة لهجمات قادمة من غزة.

وأثناء القتال في عام 2021 أصدرت الحكومة الإسرائيلية تعليمات لشركة “شيفرون” بإغلاق تامار موقتاً، وفي بيان لها نهاية هذا الأسبوع، قالت “شيفرون” إنها “تركز على إمدادات آمنة وموثوقة من الغاز الطبيعي لصالح السوق المحلية الإسرائيلية وعملائنا الإقليميين”. وأحالت الشركة الأسئلة المتعلقة باستمرار عمليات المنشآت إلى الحكومة الإسرائيلية.

وتعمل “شيفرون” على خطط لتوسيع الإنتاج في هاتين الوحدتين، المسمى ليفياثان وتمار، إضافة إلى خطوط أنابيب للمساعدة في زيادة تدفقات الغاز من إسرائيل إلى مصر، التي تصدر بشكل غير مباشر الإنتاج الإسرائيلي في شكل غاز طبيعي مسال من منشآت على ساحل البحر الأبيض المتوسط.

وتدرس شركة “شيفرون” أيضاً إنشاء منشأة عائمة لمعالجة الغاز الطبيعي المسال في المياه الإسرائيلية، وهو مشروع قد يتكلف مليارات عدة من الدولارات، وإلى جانب إسرائيل تنشط “شيفرون” أيضاً في مصر، وهي منتج ومستهلك رئيس للغاز، وفي قبرص.

ومن المحتمل أن يؤدي القتال العنيف الذي بدأ السبت إلى إبطاء وتيرة الاستثمار في حقول الغاز في المنطقة، ويمكن أن يعوق جهود إسرائيل لجذب مزيد من شركات الطاقة العالمية للتنقيب عن الغاز، بعدما كان الأمل أن يؤدي وصول “شيفرون” إلى فتح الطريق أمام شركات الطاقة الدولية الكبرى الأخرى للاستثمار في إسرائيل.

 خسائر بورصة تل أبيب

وأنهت مؤشرات الأسهم الرئيسة في تل أبيب TA125 TA35)) على انخفاض بنسبة سبعة في المئة تقريباً، بقيادة انخفاض بنسبة تسعة في المئة في أسهم البنوك (TELBANK5) بتداولات بلغت 2.2 مليار شيكل (573 مليون دولار)، بحسب “رويترز”، وانخفضت أسعار السندات الحكومية مع ما يصل إلى ثلاثة في المئة في استجابة السوق الأولية للهجوم الأكثر دموية على إسرائيل منذ عقود.

وفي حين أن سوق الصرف الأجنبي كان مغلقاً يوم أمس الأحد، فإن الشيكل (عملة إسرائيل) هو بالفعل عند أضعف مستوى له هذا العام بسبب خطة الحكومة المتنازع عليها بشدة لإصلاح السلطة القضائية.

وقال كبير الاقتصاديين في شركة “ليدر كابيتال ماركتس”، جوناثان كاتز، لـ”رويترز”، “من المتوقع أن تكون هذه الجولة من العنف أطول وأكثر حدة من الجولات السابقة، ومن الواضح أن لها تأثيراً سلبياً أكبر على الاقتصاد والميزانية المالية”.

وأضاف “من المرجح أن يضعف الشيكل بشكل حاد غداً ونرى احتمالاً كبيراً أن يبيع بنك إسرائيل العملات الأجنبية في مرحلة ما.”

وهاجم مسلحون من حركة “حماس” البلدات الإسرائيلية السبت، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 400 إسرائيلي، قبل أن يختطفوا عشرات الرهائن ويعودوا إلى غزة، فيما ردت إسرائيل بغارات جوية على أهداف تابعة لـ”حماس”.

وأطلق نشطاء غزة أيضاً آلاف الصواريخ على إسرائيل، ووصل بعضها إلى تل أبيب، مما دفع شركات الطيران إلى تعليق رحلاتها من وإلى إسرائيل.

وقال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إنه أمر رؤساء الإدارات الوزارية بتوفير الميزانيات المطلوبة بسرعة للمساعدة في إدارة الحرب.

وقال بنك إسرائيل إن من السابق لأوانه تقييم الأضرار الاقتصادية الناجمة عن الصراع لكنه أشار إلى حرب استمرت 50 يوماً مع مقاتلي “حماس” في غزة عام 2014 تسببت في أضرار بقيمة 3.5 مليار شيكل (906.7 مليون دولار)، أو 0.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وكان يتوقع البنك المركزي نمواً لاقتصاد إسرائيل بنسبة ثلاثة في المئة عامي 2023 و2024.

اضطرابات السفر الجوي

وقالت شركة “دلتا إيرلاينز” إن الرحلات الجوية من وإلى إسرائيل إلى نيويورك وأتلانتا ألغيت حتى الإثنين، في حين قالت شركة “يونايتد إيرلاينز” إن “العمليات المستقبلية في مطار تل أبيب سيتم تعليقها حتى تسمح الظروف باستئنافها”. وقالت شركة “طيران الهند” إنه سيتم تعليق الرحلات الجوية من وإلى تل أبيب حتى 14 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقالت شركة “أركيا” المنافسة الأصغر لشركة “يونايتد إيرلاينز” إنها تسير رحلات إنقاذ من أثينا لإعادة الإسرائيليين الذين كانوا في إجازة.

وقالت شركة إسرائيلية منافسة أخرى إنها تسير رحلات إنقاذ من لارنكا في قبرص لكنها حذرت من أنها قد تقوم بجدول زمني مخفض في الأيام المقبلة، إذ طلب طاقم أجنبي على بعض طائراتها المستأجرة مغادرة إسرائيل.

من جانبها قالت شركة “إنفيديا”، أكبر شركة في العالم لتصنيع الرقائق المستخدمة في الذكاء الاصطناعي والرسومات الحاسوبية، إنها ألغت قمة الذكاء الاصطناعي التي كان من المقرر عقدها في تل أبيب الأسبوع المقبل، إذ كان من المقرر أن يتحدث الرئيس التنفيذي جنسن هوانغ.

وأغلقت المدارس في إسرائيل ومنحت عديد من الشركات العمال إجازة، وأغلقت معظم المتاجر باستثناء محال السوبر ماركت والصيدليات.

وقالت جمعية المصنعين الإسرائيلية إن المصانع لا تزال تعمل للحد من المخاوف في شأن أي ندرة في المواد الغذائية والمنتجات الأساسية الأخرى. وقال رئيس الجمعية رون تومر، لـ”رويترز”، “ستستمر جميع الشركات في العمل قدر الإمكان على رغم ظروف الطوارئ الصعبة والقصف الصاروخي والنقص الناتج من العمال”. أضاف “بفضل استقلال إسرائيل الإنتاجي… حتى في أوقات الطوارئ، لن يفتقر سكان إسرائيل إلى أي شيء.”

من جانبها امتنعت شركة “إنتل كورب”، أكبر جهة توظيف ومصدر في إسرائيل، عن تحديد ما إذا كان إنتاج الرقائق قد تأثر. وقال متحدث باسم الشركة “إننا نراقب الوضع في إسرائيل من كثب ونتخذ خطوات لحماية ودعم عمالنا”، فيما قالت شركة “تاور” لأشباه الموصلات إنها تعمل كالمعتاد.

خسائر غزة الاقتصادية

ومع استمرار القصف الإسرائيلي على غزة يتوقع أن يواجه القطاع الذي يخضع للحصار الإسرائيلي منذ 17 عاماً أزمة اقتصادية غير مسبوقة، مع قيام إسرائيل بقصف الأبراج التي تقع في مراكز حيوية داخل قطاع غزة، إضافة إلى عشرات المنشآت والمباني السكنية الأخرى مما يهدد بخسائر مادية عملاقه.

ويعيش في غزة نحو 2.3 مليون شخص في الشريط الساحلي الضيق، إذ يبلغ دخل الفرد نحو ربع المستوى في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، وحيث يعيش أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي.

وأشار تقرير حديث لصندوق النقد الدولي إلى أنه لتحقيق أي انتعاش اقتصادي مستقر وطويل الأمد في غزة فإن “رفع الحصار وتخفيف القيود التي تفرضها إسرائيل أمر ضروري”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب تقرير الصندوق فقد تخلفت غزة كثيراً عن الضفة الغربية على مدى الـ15 عاماً الماضية، ويرجع ذلك أساساً إلى سنوات العزلة والصراع المتكرر بعد وصول “حماس” إلى السلطة في عام 2007، إذ تتلقى 77 في المئة من الأسر مساعدات، معظمها نقداً أو طعاماً.

ومع ارتفاع معدل البطالة الرسمي في غزة إلى أكثر من 46 في المئة، واجهت “حماس” نفسها استياءً هائلاً من إدارتها الاقتصادية، على رغم أن الحركة من جانبها تلقي باللوم على الحصار الإسرائيلي في المشكلات الاقتصادية التي يعانيها القطاع.

وقال المسؤول الكبير في “حماس”، باسم نعيم، لـ”رويترز”، قبل اندلاع الحرب الأخيرة بين إسرائيل وغزة “إذا كان هناك انفجار فليكن ضد الجهة التي خلقت هذه الظروف وهو الاحتلال (الإسرائيلي)”.

وإدراكاً منها لاحتمال تفاقم حالة عدم الاستقرار في غزة، كانت إسرائيل أصدرت قبل اجتياح العناصر المسلحة لـ”حماس” وإعلان إسرائيل الحرب على غزة أمس، أكثر من 18 ألف تصريح عمل للفلسطينيين هناك، مما سمح للعمال بجلب نحو مليوني دولار يومياً وعرضت أشكالاً أخرى من الإغاثة الاقتصادية.

وشهد قطاع الملابس في غزة، وهو أحد المستفيدين الرئيسين من أي تخفيف للحصار، ارتفاعاً في المبيعات بمقدار 10 أضعاف منذ عام 2015، وهو العام الذي تلا حرباً سابقة، وكان الحديث عن إيرادات تتجاوز 22 مليون دولار في عام 2022، ولكن بعد التطورات الحاصلة أصبح الحديث عن تخفيف أي حصار على قطاع غزة ضرباً من الخيال.

وفي الشهر الماضي فرضت إسرائيل حصاراً قصيراً على الصادرات من غزة بعد أن قال المفتشون إنهم اكتشفوا محاولة لتهريب متفجرات إلى الضفة الغربية، ثم أعقب ذلك إغلاق نقاط العبور التي يستخدمها العمال المتجهون إلى وظائفهم في إسرائيل والضفة الغربية رداً على الاحتجاجات الحدودية.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى