هل تقف بكين وراء انخفاض قيمة الألماس؟
في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها الصين حالياً، لم يعد بإمكان جميع الأزواج الجدد شراء الألماس الطبيعي من العلامات التجارية الفاخرة، بل إن كثيرين منهم لم يعودوا يرغبون به، إذ تراجعت أسعار الألماس الطبيعي عالمياً، مما قلل من جاذبيته كاستثمار، بينما توفر البدائل الصناعية بريقاً مشابهاً بكلفة أقل بكثير.
وتقول مؤسسة شركة “وي آن شانغ ماو” للألماس في شنغهاي، فيفيان وو، لصحيفة “ساوث تشاينا مورننغ بوست”، إن تفضيلات المستهلكين تغيرت بصورة ملحوظة، إذ بات عديد من عملائها يطلبون ألماساً أصغر حجماً أو صناعياً ليناسب موازناتهم المحدودة، إذ تصل كلفة الألماس المصنع إلى عشر كلفة الأحجار الطبيعية.
ولا تزال فيفيان وو تكمل نحو 10 طلبات من الألماس أسبوعياً، كما كانت تفعل لأعوام، لكن في هذه الأيام يبحث العملاء غالباً عن صفقة، ويطلب منها المتزوجون حديثاً بصورة متزايدة العثور على أحجار كريمة أصغر حجماً لتناسب موازناتهم المتقلصة أو اختيار الأحجار الاصطناعية التي يبلغ سعرها أحياناً عشر سعر الحجر الطبيعي فحسب.
هذا التحول يعكس تغييرات أوسع في سوق الألماس في الصين، ثاني أكبر سوق عالمية، التي تشهد تراجعاً في الطلب على الأحجار الطبيعية، وتشمل الأسباب انخفاض معدلات الزواج، وضعف الاقتصاد، وتراجع النظرة للألماس كقيمة استثمارية، بحسب المحلل الاقتصادي المستقل راجيف بيسواس.
انخفضت أسعار الألماس بالجملة بنحو 40 في المئة على مدى العامين الماضيين، وفقاً لبنك “أوف أميركا غلوبال ريسيرش”، ويظهر مؤشر أسعار الألماس الخام “زيمينسكي” انخفاضاً حاداً بصورة خاصة منذ أعلى مستوى له على الإطلاق عام 2022.
وقال مشغل المؤشر ومستشار الألماس المقيم في نيويورك، بول زيمنيسكي، إن الشراء المتردد في الصين لعب دوراً في خفض الأسعار.
وأضاف، “بصراحة، انخفض الطلب على الألماس في الصين بصورة حادة خلال العام الماضي… لقد شعرت الصناعة بالتأثير بصورة مؤثرة”.
9 مليارات دولار حجم سوق الألماس في الصين
وقال راجيف بيسواس، إن انخفاض معدلات الزواج والاقتصاد الضعيف بصورة عامة أدى إلى تجميد سوق الألماس في الصين البالغة 9 مليارات دولار، التي تأتي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة، والإدراك المتزايد بأن الألماس فقد قيمته الاستثمارية، مضيفاً “الرابط بين مبيعات الألماس والزواج مهم للغاية”. ومن المتوقع على نطاق واسع أن ينخفض عدد الزيجات في الصين إلى أقل من 6.6 مليون عام 2024، أي أقل من نصف الرقم المسجل عام 2013.
من ناحية الاستثمار، قال بيسواس، “لم يعد ينظر إلى الألماس كمخزن للقيمة بمرور الوقت لأن الأسعار انخفضت على مر السنين”، مشيراً إلى أنه يرى عدداً أقل وأقل من العملاء بسبب ضعف الاقتصاد.
الصين تتصدر في إنتاج الألماس الاصطناعي
وفي الوقت نفسه تتصدر الصين الإنتاج الضخم للألماس المزروع في المختبر، الذي يباع مقابل جزء بسيط من كلفة الأحجار الكريمة الطبيعية، بحسب ما يقول المحللون.
وأصبحت مقاطعة خنان مركزاً عالمياً لإنتاج الألماس الصناعي، إذ تنتج 95 في المئة من الإمدادات العالمية بحلول منتصف عام 2023. وتمثل الأحجار الصناعية الآن ما بين 15 و20 في المئة من الطلب العالمي على مجوهرات الألماس، مقارنة بنسبة 1 في المئة فقط عام 2015.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأفادت محطة “سي جي تي أن” الصينية في مارس (آذار) الماضي، أن مقاطعة خنان في وسط الصين أصبحت “مركز إنتاج عالمياً” للألماس المصنوع في المختبر على مدى العقد الماضي. وأضافت أن المنطقة تنتج واحداً من كل ماستين صناعيتين تنتجان في جميع أنحاء العالم.
وقال زيمنيسكي، إن أول الألماس المصنوع في المختبر بدأ في الوصول إلى السوق العالمية منذ نحو عقد من الزمان.
وبلغت قيمة سوق الألماس الاصطناعي العالمي 15.3 مليار دولار عام 2023، وفقاً لبيانات “ريسيترتش أند ماركتس”.
95 في المئة من الألماس الاصطناعي
وأبلغ الأمين العام لجمعية المواد الصلبة الفائقة في الصين وسائل الإعلام المحلية العام الماضي أن الصين كانت تصنع نحو 95 في المئة من الألماس الاصطناعي في العالم اعتباراً من منتصف عام 2023.
وتشهد متاجر مثل “ديابوند” في مركز التسوق “تايم سكوير” في هونغ كونغ إقبالاً متزايداً على الألماس المصنع، فعلى سبيل المثال، يباع خاتم ألماس صناعي بوزن 1.5 قيراط بسعر 24300 دولار هونغ كونغ (3127 دولاراً)، مقارنة بـ130 ألف دولار هونغ كونغ (16730 دولاراً) لخاتم طبيعي بوزن 1.3 قيراط.
وعلى رغم أن الألماس الطبيعي لا يزال الخيار الأول للزفاف، فإن البدائل الصناعية بدأت تشق طريقها في سوق المجوهرات العصرية غير الرسمية، إذ تجذب المستهلكين ذوي الموازنات المحدودة مثل “يو جينغ”، المقيمة في شنغهاي التي ترى في الألماس الصناعي قيمة جيدة مقابل المال. واشترت يو جينغ، وهي عاملة في قطاع البناء تبلغ من العمر 30 سنة، زوجاً من الأقراط المزينة بألماس صغير مزروع في المختبر في وقت سابق من هذا العام.
وقالت “بصراحة، لا يمكنني معرفة ما إذا كانت حقيقية أم مجرد زركونيا. كلفتني 300 يوان فقط (40 دولاراً)، لذلك لا أمانع، وراتبي ليس مرتفعاً، وأعتقد أن الألماس المزروع في المختبر يوفر قيمة رائعة مقابل المال”.
وقال زيمنيسكي، “على مر التاريخ، كان المستهلكون يرغبون في المجوهرات الفاخرة المصنوعة من مواد نادرة وثمينة، وأعتقد أن السوق الأساسية للألماس المصنوع ستتكون من مجوهرات أكثر مرحاً وموجهة نحو الموضة السريعة”.