عالمي

هل تعبر الأرجنتين 5 أزمات اقتصادية عبر “الدولرة”؟

في خطاب الفوز بالانتخابات الرئاسية في الأرجنتين، قدم خافيير مايلي، تفاصيل قليلة عن السياسات الاقتصادية التي يعتزم اعتمادها عندما يتولى منصبه رسمياً في 10 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، والتي يتصدرها خفض الإنفاق الحكومي، في إطار وعود بإصلاحات “جذرية”.

وقال في خطابه، “اليوم ننهي النموذج المدمر للدولة الدائمة الوجود، فهو لا يستفيد منه سوى عدد قليل بينما تعاني غالبية الأرجنتين”، معترفاً أيضاً بالتحديات التي تواجهه… أمامنا خمس مشكلات هائلة، التضخم، والركود الاقتصادي، والافتقار إلى فرص العمل الحقيقية، وانعدام الأمن، والفقر والعوز”.

ورحبت الأسواق المالية على نطاق واسع بفوز مايلي، الذي من المرجح أن يؤدي إلى تغيير جذري في عملية صنع السياسات الاقتصادية، لكن يجب عليه في البداية معالجة التضخم الذي يتجاوز 140 في المئة، والنقص في احتياطات العملات الأجنبية واحتمال حدوث ركود مؤلم آخر.

أمس الإثنين، ارتفعت سندات الأرجنتين الدولارية، في حين ارتفعت أسهم عديد من الشركات الأرجنتينية المدرجة في نيويورك، وقفز سهم شركة الطاقة المملوكة للدولة “واي بي أف” بنسبة 40 في المئة، وربح سهم بنك “بانكو ماكرو” وسهم “غروبو فاينانسيرو غاليسيا” بنسبة 20 في المئة.

خسائر البيزو تتفاقم أمام الدولار الأميركي

وبينما الأسواق المالية الأرجنتينية مغلقة، أمس الإثنين، بمناسبة عطلة محلية، لكن البيزو تراجع قليلاً في التعاملات الجزئية ليصل إلى نحو 353.58 للدولار الأميركي، في حين سجلت الورقة الأميركية الخضراء ارتفاعاً بنسبة 875 في المئة مقابل البيزو الأرجنتيني خلال الأعوام الخمسة الماضية.

وتعهد مايلي إزالة الضوابط على العملة وقيود الاستيراد، التي يقول المحللون، إنها ستؤدي إلى مزيد من الضغط على البيزو، مما يجعل قيمة العملة أقرب إلى المستويات التي يتم تداولها بها في مختلف الأسواق غير الرسمية.

يقول المتخصص الأرجنتيني في شركة وساطة الدخل الثابت “كي أن جي سيكيروتيز”، برونو جيناري، إن البيزو تم تداوله عند 1009 دولارات مقابل الدولار في بورصات العملات المشفرة أمس، وهو أضعف بكثير من أسعار 869 دولاراً و975 دولاراً التي شوهدت، الجمعة الماضي.

جعل مايلي من “دولرة” الأرجنتين وعداً مميزاً خلال حملته الانتخابية. وأشاد به باعتباره علاجاً لمشكلة التضخم المفرط في البلاد، وهي خطوة اتخذتها دول أخرى، لكنها ليست بحجم الأرجنتين، ثالث أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية بعد البرازيل والمكسيك.

وتعني الدولرة أن الأرجنتين ستتخلى عن البيزو وتستخدم الدولار الأميركي كعملة لها، مما يعني انتزاع السيطرة على السياسة النقدية من البنك المركزي في البلاد وتسليمها إلى بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي. ومن شأن هذه الخطوة أيضاً أن تحرم البنك المركزي الأرجنتيني من القدرة على طباعة النقود، وهو تكتيك استخدمه كثيراً لمساعدة حكومة البلاد المسرفة على تجنب التخلف عن سداد ديونها، وهذا بدوره أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير.

هل تؤدي الدولرة إلى تهدئة التضخم؟

يتفق المحللون على أن الدولرة ستساعد في ترويض التضخم، لكنهم يشكون في أن مايلي لديه الدعم السياسي أو الشعبي لتنفيذ هذه الأجندة، وفي مذكرة بحثية حديثة، كتب كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في “كابيتال إيكونوميكس”، ويليام جاكسون، “نعتقد أن بعض مقترحاته الأكثر تطرفاً -وبالتحديد الدولرة- قد لا تتحقق، نظراً إلى الدعم المحدود سواء في الكونغرس أو بين الجمهور”.

وأضاف أنه “في حين أن الدولرة ستكون وسيلة مؤكدة للسيطرة على التضخم، إلا أنها لن تكون حلاً للمشكلات المالية في البلاد”. وفي إشارة إلى أنه ربما يسعى إلى الحصول على دعم من أحزاب الوسط، لم يذكر مايلي، الدولرة أو الخطط التي سبق أن طرحها لإغلاق البنك المركزي في خطاب فوزه.

يقول مدير المحفظة في شركة “فونتوبل لإدارة الأصول” في زيوريخ، تييري لاروز، “لن يحدث هذا (الدولرة) في المدى القريب، وبعيداً من العقبات السياسية، فإن الحالة الهشة للاقتصاد الأرجنتيني لا تجعله في وضع يسمح له بالدولرة”، واصفاً إياها بأنها “فكرة رهيبة”، وذلك لأنه في ظل الوضع الحالي، فإن معدل التحويل سيكون غير مناسب إلى حد كبير للبيزو، مما يضعف العملة بشكل كبير ومن المحتمل أن يؤدي إلى زيادة في الفقر، الذي تشير أرقام الحكومة بالفعل إلى نحو 40 في المئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أضاف “إذا كنت تريد الدولرة بمعدل تحويل منطقي من منظور اجتماعي واقتصادي، فأنت في حاجة إلى حد أدنى من الاحتياطات الدولية”. وفي الوقت الحالي، تبلغ احتياطات الحكومة من النقد الأجنبي أكثر من 10 مليارات دولار في المنطقة الحمراء. وتابع “الطريق نحو الدولرة يمكن أن يفيد الاقتصاد… من أجل الدولرة تحتاج إلى استقرار الاقتصاد، والقضاء على التضخم المفرط، وإعادة بناء احتياطات النقد الأجنبي. أنت في حاجة إلى ضبط أوضاع المالية العامة، وفي النهاية تحتاج إلى الوصول إلى أسواق رأس المال”.

في ما يتعلق بإعادة هيكلة أخرى للديون، فمن الممكن أن يكون هذا بعيداً بعض الشيء، فقد منع صندوق النقد الدولي الأرجنتين فعلياً من الوصول إلى الأسواق الدولية بينما تسدد البلاد ديونها. وتدين الأرجنتين للبنك الذي يقع مقره في واشنطن العاصمة بنحو 44 مليار دولار بعد خطة إنقاذ تاريخية في عام 2018.

وهنأت المديرة التنفيذية للصندوق كريستالينا غورغييفا، مايلي بفوزه في الانتخابات، وكتبت على منصة “إكس”، “إننا نتطلع إلى العمل بشكل وثيق معه ومع إدارته في الفترة المقبلة لتطوير وتنفيذ خطة قوية لحماية استقرار الاقتصاد الكلي وتعزيز النمو الشامل لجميع الأرجنتينين”.

وسيحتاج مايلي إلى كل المساعدة التي يمكنه الحصول عليها، فيتوقع البنك الدولي أن ينكمش الاقتصاد الأرجنتيني بنسبة 2.5 في المئة خلال عام 2023، ويرجع ذلك جزئياً إلى الجفاف المدمر الذي تشير التقديرات إلى أنه كلف الأرجنتين 20 مليار دولار من الصادرات الزراعية المفقودة. علاوة على ذلك، يتوقع جاكسون، من شركة “كابيتال إيكونوميكس”، أن “يتحول صندوق النقد الدولي عن التساهل الأخير تجاه الأرجنتين، إذ ليس من الواضح ما إذا كانت هناك حاجة إلى إعادة هيكلة الديون في هذه المرحلة، لكننا نتحرك في هذا الاتجاه”.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى