مصر تلوح للتجار بـ”عصا التسعير الجبري” بعد تفاقم أزمتي السكر والرز
على رغم عديد المبادرات التي أعلنتها الحكومة المصرية لضبط أسعار السلع، تشهدت السوق حالياً عدة أزمات أبرزها أسعار السكر والسجائر والرز، وشهدت ارتفاعات خلال الفترة القليلة الماضية بنسب تتجاوز 100 في المئة.
وفيما يربط بعض التجار وأصحاب المحال، بين أزمة الارتفاعات المتتالية والمتسارعة في أسعار غالبية السلع، وأزمة أسعار صرف الدولار وعودة نشاط السوق السوداء وارتفاع سعر الورقة الأميركية الخضراء إلى مستويات أعلى من 50 جنيهاً، يرى البعض وبخاصة الأكاديميون أن الأزمة تتعلق بالاحتكار وعدم وجود رقابة على الأسواق.
رئيس شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية بالقاهرة، أحمد شيحة، كشف لـ”اندبندنت عربية”، أن الأزمة لا تتعلق بعدم وجود السلع أو ارتفاع كبير وضخم في الطلب، لأنه لا يوجد ما يشير إلى ذلك، لكن الأزمة الحقيقة في توسع ظاهرة الاحتكار وعدم وجود رقابة حقيقية على السوق.
أشار، إلى أنه لا يوجد أي مبرر لأن يرتفع سعر كيلو السكر في السوق المصرية من مستوى 15 أو 20 جنيهاً (ما يعادل أقل من 0.6 دولار) إلى نحو 50 و52 جنيهاً (1.68 دولار) في الوقت الحالي، متسائلاً “ما الذي حدث حتى يقفز سعر كيلو الرز من مستوى 15 جنيهاً (0.48 دولار) إلى نمو 35 جنيهاً (1.13 دولار) في الوقت الحالي؟”.
الحكومة تعاود الحديث عن التسعيرة الجبرية
وبخلاف المبادرات التي أعلنتها الحكومة المصرية، وبخاصة فتح منافذ توزيع لتوفير السلع بأسعارها الطبيعية، بدأ في الفترة الأخيرة الحديث عن إمكانية عودة التسعيرة الجبرية في ظل حديث سابق لمجلس الوزراء المصرية عن تسعيرة استرشادية.
وفي ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، أعلن مجلس الوزراء المصري، تطبيق ما يسمى “التسعيرة الاسترشادية” في محاولة لضبط الأسواق، ومع استمرار ارتفاع أسعار السلع من دون أي مبرر منطقي أو حدث يدفع باتجاه زيادات قياسية في أسعار السلع، تجدد الحديث عن التسعيرة الجبرية خلال الفترة الحالية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعرفت مصر تعبير “التسعيرة الإجبارية” بقوة في الأسواق خلال الحقبة الاشتراكية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، التي كانت للدولة خلالها قدرة على التدخل في الأسواق، غير أنه مع تحول مصر التدريجي منذ مطلع السبعينيات للنظام الرأسمالي، تراجع استخدام ذلك المصطلح أيضاً بصورة تدريجية، قبل أن يعود استخدامه رسمياً لبعض السلع التي وصفتها الحكومة بالاستراتيجية.
وفي مؤتمر صحافي، أعلن وزير التموين والتجارة الداخلية المصري علي المصيلحي، عن منح مهلة 10 أيام، لإعادة الانضباط لأسعار السكر في مصر، محذراً أنه في حالة عدم استقرار السوق سيتم اللجوء إلى مجلس الوزراء “للتسعير”.
وقال، إن الوزارة تقوم بطرح السكر بجميع المنافذ التموينية والسلاسل التجارية والشوادر التابعة للوزارة، لافتاً إلى عدم إمكانية طرح السكر بكل منفذ صغير.
أوضح، أن الوزارة لم تعد مسؤولة فقط عن توفير السكر للبطاقات التموينية فقط، بل أصبحت محملة بعبء توفيره للقطاعين الصناعي والتجاري، وهو ما تقوم به البورصة السلعية التي تطرح السكر بسعر 24 ألف جنيه (778 دولاراً) للطن، على أن يتم طرح في بالمنافذ بسعر 27 ألف جنيه (875 دولاراً) للطن وهي لا تعد تسعيرة جبرية حتى الآن.
ولفت إلى أن بعض التجار المتعاملين مع البورصة السلعية يحصلون على السكر بسعر 24 ألف جنيه (778 دولاراً) للطن ثم إعادة بيعه في السوق السوداء بسعر يتجاوز 40 جنيهاً للكيلو (1.3 دولار). وأوضح أن إغراق السوق بالسكر والتفريط في المخزون الاستراتيجي لا يعد حلاً للأزمة، مؤكداً إمكانية طرحه في المحافظات على مسؤولية كل محافظ.
تحذيرات من تراجع إنتاج السكر في مصر
وقبل أيام، أعلنت الهيئة العامة للسلع التموينية عزمها البت في مناقصة لاستيراد 50 ألف طن سكر خام بهدف الإسهام في زيادة المعروض المحلي. وأوضحت أن المناقصة الجديدة سترفع إجمالي واردات السوق من السكر فوق 400 ألف طن هذا العام، لكنها لا تزال غير كافية لتغطية الفجوة المقدرة بأكثر من 800 ألف طن سنوياً، ومن المتوقع أن تصل تلك الكميات بعد 45 يوماً من الإعلان عن المناقصة، أي إنها لن تدخل قبل بداية العام المقبل، وستظل الأسعار مرتفعة حتى توفير كميات تناسب حاجات السوق الفعلية.
ووفق بيانات وزارة التموين والتجارة الداخلية، فإن المخزون الاستراتيجي من السكر يكفي حتى أبريل (نيسان) من العام المقبل، لكن هذا المخزون يخص السكر التمويني وليس السكر الحر، وتنتج مصر نحو 2.7 مليون طن، في حين يبلغ متوسط الحاجات السنوية 3.5 مليون طن تقريباً، وتزرع مساحات تتجاوز 300 ألف فدان بقصب السكر، و650 ألف فدان من بنجر السكر سنوياً، وفق بيانات مجلس المحاصيل السكرية بوزارة الزراعة المصرية.
وفي تقرير سابق، كانت وزارة الزراعة الأميركية، توقعت تراجع إنتاج السكر في مصر، ليصل إلى 2.7 مليون طن خلال العام التسويقي 2022/2023، مقارنة بنحو 2.9 مليون طن في الموسم الماضي، و2.92 مليون طن في توقعاتها السابقة، بسبب تراجع إنتاج البنجر. وخفضت، توقعاتها لإنتاج سكر البنجر إلى 1.47 مليون طن خلال الموسم التسويقي مقابل 1.64 مليون طن توقعاتها السابقة، وقالت إن إنتاج السكر سيرتفع بشكل هامشي بنحو 25 ألف طن أي أقل من واحد في المئة، ليصل إلى 2.78 مليون طن خلال الموسم التسويقي 2023/2024.
وأرجعت النمو الضعيف إلى خفض إنتاجية فدان البنجر بفعل الوباء المنتشر في الأراضي المستصلحة فقط، وقالت إن الإنتاج خلال العام التسويقي 2023/2024 موزع ما بين 1.5 مليون طن من سكر البنجر و1.28 مليون طن من سكر القصب. وأشارت إلى أن مصر بها 15 مصنع سكر بينها ثمانية لإنتاج السكر من القصب جميعهم مملوكين للدولة، وسبعة مصانع للبنجر من بينها ثلاثة للقطاع الخاص، ومصنع مملوك للقطاع الخاص تحت الإنشاء.