عالمي

مدينة السيارات تبعث آمال تعميق الصناعة في تونس

في ظرف إقليمي متوسطي وأفريقي متسم باحتدام المنافسة واشتداد “المعارك الاقتصادية” لجذب استثمارات دولية مهمة تعزز الهيكلة الاقتصادية لدول المنطقة، تجد تونس نفسها مضطرة على التأقلم مع الواقع الاقتصادي الإقليمي والقاري عبر إقرار حزمة من الخطط والبرامج الهادفة الى تحسين بيئة الأعمال.

ولا يتطلب مجهود تطوير بيئة الأعمال والاستثمار منح الامتيازات وتحسين القوانين فحسب، بل يشمل توفير بنى تحتية عصرية والانتقال من مجرد مشاريع لتهيئة مناطق صناعية إلى مفهوم أشمل وأوسع وهو تخصيص مدن صناعية حديثة تكون مدمجة لسلسلة قطاعية متكاملة.

وفي هذا الإطار تراهن تونس في السنوات الأخيرة على بعض القطاعات التي من شأنها أن تكون جاذبة لكبرى الشركات العالمية في مجالات استراتيجية لتحقيق النقلة النوعية للاقتصاد التونسي.

وتعول تونس بشكل كبير على قطاعات مكونات الطائرات والصناعات الغذائية والنسيج والملابس وتكنولوجيا المعلومات وصناعة مكونات السيارات.

ولئن شرعت الحكومات التونسية المتعاقبة على تركيز مناطق صناعية كبيرة في شكل مدن صناعية في الصناعات الغذائية ومكونات الطائرات والأقطاب التكنولوجية، فإنها بدأت بالتخطيط لإنجاز مدينة خاصة بصناعة مكونات السيارات.

مدينة ذكية للسيارات

يعد مشروع “المدينة الذكية للسيارات Automotive Smart City، خطوة هامة نحو تحديث القطاع في تونس وتعزيز مكانته في السوق العالمية، ويهدف هذا المشروع، وفق تصريحات مسؤولي وزارة الصناعة التونسية، إلى الرفع من قيمة الصادرات وخلق فرص عمل جديدة، مستفيداً من الموارد البشرية والكفاءات التونسية القادرة على مواكبة التحولات التكنولوجية في مجال تصنيع السيارات، لا سيما أن البلاد تحتل المرتبة الثانية في قطاع صناعة مكونات السيارات في أفريقيا.

ويؤكد المسؤولون على أهمية هذا المشروع الذي يندرج ضمن التوجهات الكبرى للاستراتيجية الوطنية للصناعة والتجديد وميثاق رفع تنافسية قطاع تصنيع المعدات السيارة ومكوناتها في أفق 2027، وأبرزوا جهود كل الأطراف المعنية لإنجاح هذا المشروع الذي سيسهم في النهوض بقطاع صناعة السيارات ومكوناتها علماً أنه تمكن من تحقيق نتائج إيجابية، إذ احتلت صادراته المرتبة الثانية على المستوى الأفريقي.

ومن ضمن عوامل إنجاح المشروع بحسب القائمين عليه ما تزخر به البلاد من موارد بشرية وكفاءات مختصة قادرة على تحقيق أفضل النتائج وضمان قدرة تنافسية عالية للقطاع تستجيب لتحديات التنمية المستدامة.

خصائص المشروع

في شأن خصائص مشروع المدينة الذكية لصناعة السيارات بتونس أبرز المسؤولون أن المشروع، سيسهم في تحسين العرض التونسي وتطوير القطاع وتعزيز تموقعه في سلسلة القيمة العالمية من خلال الرفع من قيمة صادراته إلى 13.5 مليار دينار (4.3 مليار دولار) في أفق عام 2027 وبلوغ 150 ألف موطن شغل في السنوات المقبلة.

ويندرج المشروع في إطار ميثاق التنافسية القطاعي الذي يستهدف استقطاب استثمارات كبرى في مجال تصنيع السيارات الكهربائية والذكية بقيمة استثمارات تناهز نحو 300 مليون دولار.

تونس تحتل المرتبة الثانية أفريقياً في مجال تصدير قطاع غيار ومكونات السيارات بخاصة نحو الاتحاد الأوروبي، ويعد هذا القطاع من أهم الأنشطة الميكانيكية والكهربائية في البلاد ويشهد تطوراً سريعاً ونقلة نوعية على الصعيد التكنولوجي.

“حان الوقت لهذه المشاريع”

بينت مريم اللومي رئيسة الجمعية التونسية لصناعة مكونات السيارات أنه حان الوقت لهذه المشاريع المندمجة القادرة على تحقيق النقلة النوعية لقطاع مكونات السيارات.

وأردفت بالتوضيح أن قطاع تصنيع مكونات السيارات في تونس يتكون من 200 مؤسسة، ويوفر ما يزيد على 95 ألف موطن شغل لعمال وإطارات كبرى، فيما تبلغ قيمة صادراته سنوياً 2.6 مليار دولار، ويسهم في توفير العملة الأجنبية لخزينة الدولة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وثمّنت الإجراءات والقرارات الصادرة عن جلسات العمل الحكومية حول النهوض بصناعة مكونات السيارات بتونس، معتبرة أن عديد القرارات جريئة ومهمة وستفتح أبواباً لتطوير هذا القطاع.

وقالت إنه جرى وضع أهداف بحلول عام 2027، تتمثل في الترفيع في قيمة الصادرات إلى 7.6 مليار دولار، والاستثمارات بنسبة 22 في المئة من الناتج الداخلي الخام من القطاع.

وتابعت تصريحها بالتأكيد على وضوح الرؤية والاستراتيجية، ويجب تشجيع التونسيين بخاصة أن هناك شركات تونسية عالمية في قطاع مكونات السيارات، علاوة على أن تونس تصنع عدة مكونات لأعرق وأشهر الماركات العالمية التي تتجول حالياً في عدة دول من العالم.

خطة العمل 2025

يكشف المنوال الاقتصادي لتونس عام 2025 في مجال صناعة السيارات ومكوناتها عن تموقع هذا القطاع، وأنه يحتل أهمية بالغة في عالم الصناعة والاقتصاد، بخاصة مع الاعتماد على التكنولوجيات المتطورة التي تسهم في تحسين الأداء والابتكار في تصميم السيارات.

وتعد الصناعة محركاً هاماً للتشغيل ودعم النمو الاقتصادي، ويتمثل توجه غالب المصنعين إلى التقليص من الآثار السلبية للقطاع على البيئة من خلال دعم تطوير تقنيات السيارات الصديقة للبيئة.

وترتكز خطة العمل التي وضعت في هذا المجال، على تفعيل الإجراءات المنبثقة من ميثاق الشراكة لقطاع تصنيع مكونات السيارات الذي وقِع بتاريخ السادس من يوليو (تموز) 2022 الذي يهدف إلى توفير بنية تحتية صناعية وتكنولوجية متكاملة محفزة للاستثمار ودعم النسيج الصناعي الحالي، كما يعتمد تحقيق أهداف النمو بالأساس على تطوير مضمون السياسات القطاعية بما يتناسب وطبيعة الرهانات المطروحة وأهمية تهيئة كل الظروف لأحكام الاستفادة من الفرص والآفاق الإيجابية، لتطوير هيكلة الاقتصاد الوطني وبالخصوص النهوض بالأنشطة الواعدة وذات القيمة المضافة العالية.

وعلى هذا الأساس سترتكز الجهود خلال عام 2025 على تنفيذ الاستراتيجيات والبرامج القطاعية المرسومة لهذه المرحلة مع تعميق مضمونها، بغرض تكريس مسار تنموي أكثر قوة واستدامة وشمولاً والتأقلم مع المتطلبات الجديدة للأسواق الخارجية، بما يسهم في النهوض بالتصدير وفتح الآفاق لاستقطاب الاستثمار الوطني والأجنبي.

خطوة إيجابية

يرى المستشار الاقتصادي والمدير العام السابق لوكالة النهوض بالصناعة والتجديد سمير بشوال، أن إحداث مدينة ذكية للسيارات في تونس يشكل خطوة إيجابية وهامة لقطاع أثبت على مر السنوات الأخيرة نجاعته وصلابته بخاصة في القيمة المضافة العالية.

وأفاد في حديثه مع “اندبندنت عربية ” بأن بعث مدينة ذكية للسيارات في تونس يأتي في إطار مسايرة البلاد للتطورات التكنولوجية المتسارعة لا سيما الذكاء الاصطناعي.

وأشار إلى أن قطاع مكونات السيارات في تونس راكم من الخبرة والتجارب ما صار يحلم ببعث مدينة متخصصة في صناعة مكونات السيارات وأن الهدف الأسمى للبلاد هو بلوغ مرحلة تصنيع السيارات.

وفي الأثناء، شدد سمير على ضرورة توافر الإرادة السياسية للإسراع بإنجاز المدينة الذكية للسيارات لغرض تجاوز الإشكاليات والتعطيلات الإدارية التي قد تعصف بالمشروع على غرار ما حصل لعدة مشاريع هامة توقف إنجازها بسبب “تكلس” الإجراءات الإدارية.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى