لهذه الأسباب ستستمر الارتفاعات القياسية في أسعار الذهب
يستمر ارتفاع الذهب مع وصول الأسعار إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق اليوم الخميس، مع احتمالية استمرار البنوك المركزية في شراء السبائك بكميات قياسية.
ويتداول الذهب حالياً عند 2203 دولارات للأونصةـ وتعليقاً على ذلك قال رئيس أبحاث السلع في أميركا الشمالية في “سيتي” أكاش دوشي إلى شبكة “سي أن بي سي” الأميركية، إن “الأسعار قد ترتفع إلى 2300 دولار للأوقية في النصف الثاني من عام 2024، خصوصاً على خلفية التوقعات بأن مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي (المركزي الأميركي) قد يخفض أسعار الفائدة في النصف الثاني من عام 2024”.
وتميل أسعار الذهب إلى المشاركة في علاقة عكسية مع أسعار الفائدة، فمع انخفاض أسعار الفائدة، يصبح الذهب أكثر جاذبية مقارنة بالأصول ذات الدخل الثابت مثل السندات، والتي من شأنها أن تدر عوائد أضعف في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة.
من جانبها، توقعت المجموعة المالية للاستشارات المصرفية “ماكواري” أيضاً أن تسجل أسعار الذهب مستويات مرتفعة جديدة في النصف الثاني من العام. وعلى رغم الاعتراف بأن المشتريات المادية للذهب أدت إلى ارتفاع الأسعار، إلا أن الاستراتيجيين في “ماكواري” أرجعوا الارتفاع الأخير في الأسعار بمقدار 100 دولار إلى عمليات شراء كبيرة للعقود الآجلة في مذكرتهم المؤرخة في السابع من مارس (آذار) الجاري.
وقال الرئيس العالمي للبنوك المركزية بمجلس الذهب العالمي شوكاي فان، إن “البنوك المركزية، التي اشترت مستويات تاريخية من الذهب على مدى العامين الماضيين، ستظل مشترياً قوياً في عام 2024 أيضاً”.
وقال مراقبو السوق لشبكة الأخبار الأميركية إن هذه المشتريات عززت أسعار الذهب على رغم ارتفاع أسعار الفائدة وقوة الدولار.
رفع الفائدة يقلل جاذبية الذهب
وتميل أسعار الفائدة المرتفعة إلى تقليل جاذبية الذهب مقارنة بالسندات لأنه لا يدفع أي فائدة، في حين يؤدي ارتفاع الدولار إلى تآكل بريق السبائك الذهبية المسعرة بالعملة الأميركية لحاملي العملات الأخرى.
ويتغذى الطلب المادي القوي على الذهب أيضاً على جاذبيته كأصل ملاذ آمن وسط حالة من عدم اليقين الجيوسياسي.
وأضاف مراقبو السوق “في العقد الماضي، كانت روسيا والصين أكبر مشتريين، ومع ذلك، تنوعت مشتريات البنك المركزي في السنوات الأخيرة.
البنك المركزي الصيني أكبر مشترٍ
وتعد الصين المحرك الرئيس لكل من طلب المستهلكين ومشتريات البنك المركزي من الذهب، ومن غير المرجح أن تتباطأ البلاد في شراء المعدن الأصفر.
ومن بين البنوك المركزية، كان بنك الشعب (البنك المركزي الصيني) أحد كبار مشتري للذهب في عام 2023.
وعن ذلك قال مجلس الذهب العالمي (WGC) إن “الاقتصاد الضعيف في الصين والقطاع العقاري المحاصر دفعا المزيد من المستثمرين نحو الأصول الآمنة، مع بقاء الاستثمار الفردي في الذهب قوياً”.
وكان البنك المركزي البولندي ثاني أكبر مستهلك صافٍ للذهب، إذ استحوذ على 130 طناً من السبائك في عام 2023.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال الرئيس التنفيذي لشركة “ويتون” للمعادن الثمينة راندي سمولوود، إن “تحديات الحرب بين روسيا وأوكرانيا في الجوار المباشر هي التي تدفع رغبة بولندا في الاستقرار”.
وكان محافظ البنك المركزي البولندي آدم غلابينسكي أعلن في عام 2021 عن خطط لشراء 100 طن من الذهب في محاولة لتعزيز الأمن المالي للبلاد، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام المحلية.
في غضون ذلك، سجلت سنغافورة ثالث أعلى صافي مشتريات من الذهب عام 2023، مدفوعة بمشتريات سلطة النقد السنغافورية (MAS) التي اشترت 76.51 طن.
وفي الوقت الذي لم تكشف فيه سلطة النقد في سنغافورة عن سبب قرار الاستثمار، توقع فان أن “البنوك المركزية في جميع المجالات كانت حذرة من الأخطار الجيوسياسية الناجمة عن الصراع المستمر بين روسيا وأوكرانيا”، قائلاً “ربما قاموا بتعديل مخصصات الاحتياطات وفقاً لوجهات نظرهم بشأن الأخطار”.
مشتريات التجزئة
وكان ارتفاع أسعار الذهب مدفوعاً أيضاً بمشتريات التجزئة للمجوهرات والسبائك والعملات المعدنية.
وعلاوة على شراء بنك الشعب الصيني لأكبر كميات من الذهب بين البنوك المركزية في العالم، إذ سجلت البلاد أيضاً أكبر كمية من مشتريات الذهب بالتجزئة.
وقال فان إنه “على مستوى المستهلكين الأفراد، كانت الصين عاملاً رئيساً في الطلب القوي على الذهب العام الماضي مع تحول الأفراد إلى الذهب للتنويع من فئات الأصول الأخرى”.
ووفقاً لبيانات مجلس الذهب العالمي، تفوقت الصين على الهند لتصبح أكبر مشترٍ للمجوهرات الذهبية في العالم في عام 2023، واشترى المستهلكون الصينيون 603 أطنان من المجوهرات الذهبية العام الماضي، بزيادة قدرها 10 في المئة عن عام 2022.
وقال سمولوود إنه “إلى جانب الصين، يعد طلب المستهلكين على الذهب في الهند أيضاً أحد أكبر الطلب في العالم، خصوصاً خلال موسم الزفاف في الهند، والذي يستمر عادة من أكتوبر (تشرين الأول) إلى ديسمبر (كانون الأول) من كل عام، وبين يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) من كل عام.
وقال مجلس الذهب العالمي إنه في حين أن الطلب على المجوهرات في الهند يجب أن يظل كبيراً، إلا أن ارتفاع كلفة الذهب قد يؤثر بعض الشيء في هذا الإنفاق.
وكان الطلب على المجوهرات الذهبية في الهند انخفض بنسبة ستة في المئة إلى 562.3 طن في عام 2023 مقارنة بالعام السابق، ومع ذلك، ارتفع استثمار الهند في سبائك الذهب والعملات المعدنية بنسبة سبعة في المئة على أساس سنوي، ولا يزال طلب البنك المركزي الهندي على الذهب قوياً أيضاً، إذ اشترى بنك الاحتياط الهندي 8.7 طن من الذهب في يناير الماضي، وهو ما يمثل أعلى عملية شراء شهرية منذ يوليو (تموز) 2022.
ويعد الذهب دائماً أعلى أشكال الهدايا القيمة التي يمكنك تقديمها لشخص ما داخل الهند وهو أيضاً جزء كبير من موسم الزفاف.
وبصرف النظر عن الصين والهند، تضاعف الطلب على الذهب في تركيا العام الماضي تقريباً عما كان عليه في عام 2022، وفقاً لسجلات مجلس الذهب العالمي.
وأدى التضخم الاستهلاكي المستمر ومحدودية الاستثمار البديل المتاح وعدم اليقين السياسي المحلي خلال الانتخابات الرئاسية العام الماضي إلى دفع الطلب التركي على المعدن الأصفر.