عالمي

كيف تتحوط من سرقة الذكاء الاصطناعي لوظيفتك؟

هل سيسرق الذكاء الاصطناعي وظيفتي؟ هذا هو السؤال الذي أصبح يشغل بال ملايين العمال من ذوي الياقات البيضاء، وهناك حتى مصطلح لهذا الشعور “”FOBO أو الخوف من أن نصبح غير ذوي قيمة، وللأسف مخاوفنا قد تكون مبررة.

تقول وكالة “بلومبيرغ” إن الإصدارات الأحدث من الذكاء الاصطناعي لم تعد مجرد “ببغاوات عشوائية” تكرر البيانات، بل أصبحت قادرة على التفكير وحل المشكلات المعقدة، وغالباً ما تكون إجاباتها غير قابلة للتمييز عن إجابات الإنسان، وتستمر قدراتها في التحسن بينما تنخفض كلفة استخدامها باستمرار. وتضيف، “في السابق كانت التطورات في الأتمتة والاستعانة بمصادر خارجية تؤثر بصورة رئيسة على العمال ذوي الياقات الزرقاء، أما الآن، فإن الخطر الأكبر الذي يواجه المحترفين المرفهين الذين يعملون على لوحات المفاتيح في المكاتب أو من منازلهم هي إزاحتهم من وظائفهم”. 

وتشير إلى أن الضربة النفسية الناجمة عن تقليل قيمة العمل الذهني والمعرفة المتخصصة تعد قاسية بما يكفي، وتقول إن البعض قد يتساءل عن فائدة كل تلك الشهادات الجامعية أو تعلم لغة أجنبية؟ لكن العبء المالي قد يكون أسوأ، فكثيراً ما يتزوج العاملون في مجالات المعرفة من بعضهم بعضاً، وهو ما يعرف بظاهرة “التزاوج التفضيلي”، وفي السابق كان القلق هو أن هذه الظاهرة تزيد من عدم المساواة، أما الآن فإنها تجعل تلك الأسر عرضة لأخطار اقتصادية أكبر.

ويقدر مركز الأبحاث البريطاني IPPR أن العمل المعرفي يشكل الآن نحو نصف النشاط في سوق العمل البريطانية، وأن ما يصل إلى 70 في المئة من تلك المهام قد تحول أو يستبدل بها الذكاء التوليدي.

ووفقاً لتحليل حديث من “موديز أناليتيكس” فإن من يكسبون أكثر من 250 ألف دولار سنوياً يسهمون بنحو نصف الإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة، فماذا لو استبدل ملايين من أصحاب الدخول المرتفعة بالخوارزميات؟ وعلى رغم أنه ليس مراقباً محايداً يقول الشريك المؤسس لشركة “أوبن آي” سام ألتمان إن وكيل البرمجيات الذكي سيكون قادراً في النهاية على القيام بمعظم المهام التي يؤديها مهندس برمجيات بشري ذو خبرة لسنوات عدة، وإن كان ذلك تحت الإشراف.

وربما يأتي هذا “في النهاية” قريباً جداً، إذ يقول الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا بلاتفورمز إنك” مارك زوكربيرغ إن هؤلاء الزملاء الافتراضيين سيحصلون على مهارات البرمجة وحل المشكلات بمستوى مهندس متوسط بحلول هذا العام.

وعلى عكس البشر يمكن نشر الوكلاء المعتمدين على الذكاء الاصطناعي على نطاق شبه غير محدود في مختلف أنواع الأعمال المعرفية، لذا في حين أن الذكاء الاصطناعي سيعزز بالتأكيد الأدوار الحالية ويخلق وظائف جديدة تماماً، إلا أن خسارة كثير من الوظائف أمر لا مفر منه، كما يعتقد أيضاً سام ألتمان. أيضاً هناك حديث عن ركود في الوظائف المكتبية، إذ يكافح خريجو برامج الماجستير في إدارة الأعمال من الجامعات الكبرى للعثور على وظائف، وتجف عمولات المترجمين، وتستقر رواتب الاستشاريين المبتدئين، وتزداد عمليات التسريح في قطاع تكنولوجيا المعلومات.

التحسينات الإنتاجية

تقول شركة “سيلزفورس إنك” إنها لن توظف أياً مهندسي برمجيات هذا العام بفضل التحسينات الإنتاجية التي حققتها أدوات الذكاء الاصطناعي. وستطلب شركة “إنفيديا كورب” قريباً من جميع مهندسي البرمجيات لديها استخدام الوكلاء المعتمدين على الذكاء الاصطناعي، بينما ينتج الذكاء الاصطناعي الآن أكثر من ربع الشيفرات البرمجية الجديدة في شركة “ألفابيت إنك” المالكة لـ”غوغل”.

وفي مجال البنوك يمكن للذكاء الاصطناعي إعداد مسودة معظم نشرة الاكتتاب العام في دقائق، وفقاً لما ذكره الرئيس التنفيذي لمجموعة “غولدمان ساكس” ديفيد سولومون، بينما كان من الممكن أن يستغرق ذلك فريقاً مكوناً من ستة أفراد وأسبوعين لإنتاجه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي الشهر الماضي أعلنت مجموعة “دي بي أس” المصرفية في سنغافورة أنها ستخفض نحو 4000 موظف موقت وعقود في السنوات الثلاث المقبلة، إذ سيحل الذكاء الاصطناعي محلهم.

خطة احتياط

تقول “بلومبيرغ” إنه من المنطقي أن يمتلك الموظف خطة احتياط عبر التعرف على أدوات الذكاء الاصطناعي والتخصص في استخدامها، ومن المفترض أن تجعل هذه الخطوة الموظف أكثر إنتاجية وتمكنه من أداء أعمال أكثر تأثيراً، إضافة إلى توفير بعض الحماية من كونه من بين أول من يجرى تسريحهم. ومع ذلك لا ينجح الجميع في أن يصبحوا مديري ذكاء اصطناعي، لذا من المهم أن يواصل الموظف بناء شبكة تواصل عبر “لينكد إن” وأماكن أخرى، تحسباً لاحتياجه إلى وظيفة جديدة في المستقبل.

أما أولئك الذين لم ينضموا بعد إلى سوق العمل، أو الذين يقدمون النصائح لأبنائهم، فهم يواجهون اختيارات صعبة، وفي العام الماضي، كان رئيس شركة “إنفيديا” جينسن هوانغ أقل اقتناعاً بفوائد تعلم البرمجة لأن الجميع سيكون قادراً قريباً على البرمجة باستخدام اللغة الطبيعية، وبالمثل، إذا بدأت روبوتات المحادثة الذكية في تولي الأعمال الروتينية في بنوك الاستثمار أو الاستشارات الإدارية، فإن الحصول على فرصة للتدريب في هذه المجالات قد يصبح أكثر صعوبة.

وتنصح “بلومبيرغ” من هم في مراحل متقدمة من حياتهم المهنية أن يفكروا فيما إذا كانت لديهم مهارات تفتح أمامهم أبواباً لوظيفة أو فرصة ريادية أقل عرضة للتأثر بالذكاء الاصطناعي.

وبينما يبدو أن الذكاء الاصطناعي سيكون أكثر لطفاً مع مالكي رأس المال مقارنة بالعمال، فإن خطوة حكيمة أخرى هي اقتناء مزيد من الأصول، إذ توفر صناديق المؤشرات تعرضاً للشركات التي من المتوقع أن تحقق أرباحاً من الذكاء الاصطناعي والزيادة في الإنتاجية، علاوة على أنها توفر وسيلة للتحوط ضد فقدان الوظيفة (على رغم أن التقييمات المرتفعة لبعض الشركات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي تشير إلى أن عديداً من الأشخاص قد تبنوا هذه الفكرة بالفعل).

للأسف، لا يوجد ضمان بأن الذكاء الاصطناعي لن يأخذ وظيفتك كعامل معرفي، لكن وجود خطة احتياط يمكن أن يخفف في الأقل من الأثر المحتمل.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى