عالمي

كيف أشعل ترمب فتيل “حرب الطماطم”؟

في تصعيد جديد لحروبه التجارية، قرر الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض رسوم جديدة على الطماطم الطازجة المستوردة من المكسيك بدءاً من يوليو (تموز) المقبل، بعدما أنهت وزارة التجارة الأميركية اتفاقاً استمر قرابة ثلاثة عقود.

ويحذر خبراء الاقتصاد الزراعي من أن الخطوة ستؤدي إلى ارتفاع أسعار الطماطم في السوق الأميركية، إذ تشكّل الواردات المكسيكية نحو 70 في المئة من المعروض، ويأمل مسؤولون مكسيكيون في إعادة التفاوض على الاتفاق قبل دخول القرار حيز التنفيذ.

وفي حال فشل التوصل إلى اتفاق قد تصبح الطماطم من أوائل المنتجات اليومية التي ترتفع أسعارها بفعل سياسات ترمب التجارية، إذ قد يتجاوز الارتفاع نسبة 10 في المئة، بحسب تقديرات أولية، فيما تحذّر شركات إنتاج الطماطم من زيادات أكبر بكثير، ووفقاً لبيانات وزارة الزراعة الأميركية، بلغ متوسط سعر عبوة واحدة من طماطم العنب نحو 2.48 دولار هذا الشهر.

اللافت أن بعض المعنيين بالخلاف الطويل تبلّغوا القرار عبر اتصال من كريس أبوت، وهو طالب قانون في عامه الثالث بجامعة جورجتاون، يتخرّج الشهر المقبل، ويشغل حالياً منصب نائب مساعد وزير التجارة للسياسات والمفاوضات.

أبوت انضم إلى إدارة ترمب الأولى حتى قبل تخرجه الجامعي، وكان يعمل تحت إشراف أحد أبرز مهندسي خطط ترمب الحمائية، بيتر نافارو.

وعكس القرار الجديد نهج الإدارة الأميركية في إحياء السياسات الحمائية، حتى على حساب المنتجات اليومية التي تمس حياة المستهلك مباشرة.

المستهلك الأميركي سيدفع الثمن

وقالت وزارة التجارة الأميركية إن الاتفاق القائم منذ عام 1996 في شأن استيراد الطماطم من المكسيك “فشل في حماية المزارعين الأميركيين من الواردات المكسيكية ذات الأسعار غير العادلة”، معلنة عن إنهائه وفرض رسوم بنسبة 20.9 في المئة على الطماطم الطازجة المستوردة من المكسيك اعتباراً من يوليو المقبل.

القرار، الذي يأتي ضمن توجهات دونالد ترمب الحمائية، يهدف بحسب الوزارة إلى “إتاحة منافسة عادلة في السوق أمام المزارعين الأميركيين”، بخاصة في ولايات مثل فلوريدا التي تعد من المناطق القليلة القادرة على زراعة الطماطم على مدى العام.

وكان الاتفاق السابق يضع حداً أدنى لأسعار الواردات ويشترط عمليات فحص للجودة، لكنه لم يمنع استمرار تفوق الطماطم المكسيكية في السوق الأميركية بفضل انخفاض كلف الزراعة والمناخ الملائم جنوب الحدود.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونفى وزير الزراعة المكسيكي، خوليو بيرديغي، هذا الأسبوع أن تكون بلاده تصدّر الطماطم بأسعار أقل من كلفة الإنتاج، معتبراً الرسوم الجديدة إجراءً غير مبرر.

وعلى رغم أن الرسوم قد تُنعش زراعة الطماطم الأميركية على المدى الطويل، فإن المتخصصين يحذرون من فجوة فورية في العرض.

وقال أستاذ اقتصاد وسياسات الأغذية في جامعة ولاية ميشيغن، ديفيد أورتيغا، لصحيفة “وول ستريت جورنال”، “ليس لدينا القدرة على تعويض الكميات المستوردة من المكسيك بين عشية وضحاها”، مضيفاً أن كلفة الإنتاج داخل الولايات المتحدة أعلى بكثير.

وبحسب وزارة الزراعة الأميركية، فإن أية زيادة في الكلفة بنسبة 10 في المئة أو أكثر على الطماطم المكسيكية ستنعكس مباشرة على الأسعار في المتاجر، مما يزيد الأعباء على المستهلك الأميركي.

ضربة للشركات الأميركية في المكسيك

يمثل قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض رسوم على واردات الطماطم المكسيكية فوزاً واضحاً للتيار الحمائي داخل فريقه التجاري، الذي يسعى إلى دعم الصناعات الأميركية في مواجهة المنافسة الأجنبية، لكنه في المقابل يمثل ضربة قاسية لشركات أميركية تعمل في المكسيك، مثل “نيتشرسويت”، التي تنتج معظم طماطمها في البيوت الزجاجية جنوب الحدود.

وقد تغيّر المشهد في سوق الطماطم الأميركية خلال العقدين الماضيين، إذ باتت الأصناف الصغيرة مثل الكرزية والعنبية المزروعة في البيوت المحمية أكثر رواجاً بين المستهلكين.

وتُظهر بيانات وزارة الزراعة الأميركية أن واردات الطماطم الطازجة إلى الولايات المتحدة زادت بنسبة 176 في المئة منذ عام 2000، معظمها مقبلة من المكسيك.

وبينما كانت الطماطم المنتَجة محلياً تُشكّل نحو 80 في المئة من السوق عند توقيع الاتفاق التجاري عام 1996، تراجعت هذه النسبة إلى نحو 30 في المئة فقط اليوم، بحسب “اتحاد مزارعي ومُعلّبي الطماطم في فلوريدا”.

وعلى رغم أن الرسوم الجديدة تهدف إلى حماية المزارعين الأميركيين، فإنها قد تضرّ بشركات أميركية تعتمد على الإنتاج المكسيكي لتلبية الطلب، مما يزيد من تعقيد التوازن بين الحماية التجارية ومصالح السوق المفتوحة.

من جانبه حذّر المدير القانوني لشركة “نيتشرسويت الأميركية”، سكيب هوليت، من أن إنهاء اتفاق الطماطم مع المكسيك يُهدد قدرة الشركات التي تزرع في الولايات المتحدة والمكسيك على تلبية السوق بالطماطم الناضجة على الساق التي يحبها المستهلكون، مضيفاً أن شركته قد تضطر إلى دفع أكثر من مليون دولار أسبوعياً كرسوم جمركية على طماطمها المستوردة من المكسيك في حال تنفيذ القرار.

وأشار هوليت إلى دراسة أجرتها الشركة عام 2023 توقعت أن أسعار الطماطم الطازجة قد ترتفع بنسبة تصل إلى 50 في المئة في حال خروج الطماطم المكسيكية من السوق، على رغم أن محللين مستقلين وصفوا هذا السيناريو بأنه غير مرجّح.

في المقابل، رفض نائب الرئيس التنفيذي لـ”اتحاد مزارعي الطماطم” في فلوريدا، روبرت غونثر، ما وصفه بـ”السردية الزائفة” التي تقول إن انخفاض الإمدادات من المكسيك سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار، مؤكداً أن الشركات الأميركية التي استثمرت في بيوت زراعية داخل المكسيك لن تتوقف فجأة عن الإنتاج، مضيفاً أن المستهلك الأميركي “يفضل الطماطم الطازجة والمحلية”.

يُذكر أن الاتفاق عُلق فترة قصيرة في عام 2019 قبل أن يُعاد إحياؤه باتفاق جديد، علماً أن الحكومة المكسيكية ليست طرفاً رسمياً في هذا الاتفاق، لذا فإن الرسوم الأميركية لا تخضع لإجراءات انتقامية تجارية كما هي الحال في نزاعات الرسوم الجمركية الأخرى.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى