تفاؤل حكومي بانتهاء أزمة الدولار في مصر فهل له ما يبرره؟

مع اقتراب مصر من الحصول على الشريحة الرابعة من التمويل المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي كشف رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي عن أن موارد العملات الأجنبية خلال الأسبوعين الماضيين تعادل المصروفات في الفترة نفسها، وأصبح هناك توازن بين الموارد والاستخدامات من العملة الصعبة، وأن الحكومة لا تستهدف ذلك فقط، بل تسعى إلى تحقيق فائض، بأن تكون الموارد أكثر من الاستخدامات، لتحقيق قوة ومتانة الاقتصاد المصري.
وقال إن هذا سيتحقق من خلال التركيز على القطاعات الرئيسة، وهي الصناعة والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والسياحة، وترجمة هذه القطاعات للجان استشارية ومجموعات وزارية. ولفت إلى أن المنطقة الصناعية في السخنة كانت تضم منذ بضع سنوات 65 مصنعاً، وفي الوقت الحالي أصبح بها 130 مصنعاً، أي مضاعفتها في خلال 3 سنوات فحسب، والأهم من ذلك وجود 120 مصنعاً تحت الإنشاء.
وتابع، “هناك مصنعان في المنطقة الاقتصادية متخصصان في إنتاج الألواح الشمسية، وطبقاً لإفادة رئيس المنطقة الاقتصادية ستمتلك مصر القدرة على الإنتاج الكامل لكل مكونات الألواح الشمسية بنهاية 2025، وهذا مهم لأن رؤية 2030 تتضمن أن تنتج مصر طاقة نظيفة بمعدل 42 في المئة من إجمال الطاقة التي تنتجها مصر”.
وكانت البلاد دخلت في أزمة خانقة مع شح الدولار بعد الإعلان عن تخارج استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 22 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2022، وعلى خلفية هذه الأزمة أعلنت الحكومة المصرية عديداً من الإجراءات التي تمثلت في تقنين فاتورة الواردات مع تضييق الخناق والقضاء على السوق الموازية للعملة.
ونجحت القاهرة في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي على تمويل بقيمة 8 مليارات دولار، مما تسبب في إنهاء أزمة شح العملة الصعبة والقضاء على أزمة تكدس البضائع بالموانئ المصرية، وذلك بعد التحسن الكبير في مستويات السيولة الدولارية.
مصر تقترب من صرف الشريحة الرابعة
في تعليقه قال المتخصص الاقتصادي نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشؤون التنمية الاقتصادية أشرف غراب إن إدراج صندوق النقد الدولي مصر في جدول اجتماعاته خلال مارس (آذار) الجاري من أجل صرف الشريحة الرابعة من القرض لمصر بقيمة 1.2 مليار دولار يعكس قوة الاقتصاد المصري واستمرار التعاون بين مصر وصندوق النقد الدولي لدعم الاقتصاد المصري، إضافة إلى أنه يؤكد التزام مصر تطبيق الإصلاحات الاقتصادية وفقاً للاتفاق بين مصر وإدارة الصندوق.
وأوضح أن صرف الشريحة الرابعة من القرض توفر سيولة دولارية لازمة ومهمة لدعم الاقتصاد، موضحاً أن مصر أجرت إصلاحات اقتصادية قاسية منها رفع سعر الوقود وكذلك زيادة أسعار الكهرباء خلال العام الماضي، وأشاد صندوق النقد الدولي بالإجراءات التي اتخذتها مصر للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي، مضيفاً أن صرف الصندوق الشريحة الرابعة لمصر يؤكد تحسين الشفافية والحوكمة، والتي تعد ضرورة لزيادة ثقة المستثمرين والمؤسسات الدولية في الاقتصاد المصري.
وأشار إلى أن صرف الشريحة الرابعة من قرض الصندوق يسهم في تعزيز استقرار العملة المحلية ودعم احتياط البنك المركزي بالنقد الأجنبي، ودفع بورصة مصر إلى آفاق جديدة، ويعزز من قوة السوق، مضيفاً أن احتياط النقد الأجنبي لمصر مستمر في الزيادة شهرياً، إذ بلغ نحو 47.393.6 مليار دولار في نهاية فبراير (شباط) الماضي، بالمقارنة بنحو 47.265.3 مليار دولار في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، إضافة إلى أن صرف الشريحة الرابعة يؤكد نجاح الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي تتخذها الحكومة من أجل علاج التشوهات الاقتصادية لأن قيمة القرض ليست مالية فقط، ولكن يمثل شهادة ثقة في الاقتصاد المصري، مما يسهم في دخول مزيد من الاستثمارات المباشرة نتيجة زيادة الثقة بالاقتصاد الوطني.
وقال إن مجلس إدارة صندوق النقد سينظر في طلب مصر الحصول على تمويل إضافي من صندوق المرونة والاستدامة وفق ما أعلنته مديرة صندوق النقد الدولي في وقت سابق، موضحاً أن هذا الصندوق يهدف لتوفير تمويل ميسور الكلفة وطويل الأجل للدول التي تجري إصلاحات لمعالجة تغير المناخ والتحديات طويلة الأجل الأخرى، وأن الهدف منه دعم المشروعات التي تسهم في استقرار الاقتصاد على المدى الطويل كمشروعات الطاقة المتجددة والبنية التحتية، مشيراً إلى أن مصر تخطو خطوات قوية ومتقدمة وسريعة في تحسين بيئة الاستثمار وتعزيز قدرة الاقتصاد على جذب رؤوس الأموال الأجنبية، متوقعاً أن تشهد الفترة المقبلة ضخ مزيد من الاستثمارات الخليجية على وجه الخصوص في شرايين الاقتصاد المصري، بخاصة من السعودية والكويت على غرار صفقة تطوير رأس الحكمة.
ارتفاع مستمر بالتحويلات وصافي الأصول الأجنبية
وقبل أيام كان البنك المركزي المصري أعلن ارتفاع صافي الأصول الأجنبية لدى القطاع المصرفي (البنك المركزي والبنوك التجارية) من أدنى مستوى له البالغ سالب 29.0 مليار دولار في يناير 2024 ليصل إلى موجب 8.7 مليار دولار في يناير الماضي بزيادة قدرها 37.8 مليار دولار. وارتفع صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي المصري بنحو 23.5 مليار دولار، بينما شهد صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك التجارية ارتفاعاً بنحو 14.3 مليار دولار.
وعلى أساس شهري ارتفع صافي الأصول الأجنبية لدى القطاع المصرفي من 5.2 مليار دولار في ديسمبر 2024 إلى 8.7 مليار دولار في يناير 2025 بزيارة قدرها 3.5 مليار دولار، ويعد هذا أعلى ارتفاع شهري منذ مايو (أيار) 2024، إذ ارتفع صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي من 11.7 مليار دولار في ديسمبر 2024 إلى 12.0 مليار دولار في يناير الماضي بزيادة قدرها 0.4 مليار دولار.
جاء هذا التحسن في صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك التجارية مدفوعاً بزيادة الموارد من العملات الأجنبية والتي تشمل تحويلات المصريين العاملين بالخارج وكذلك استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية المصرية، إضافة إلى انخفاض الالتزامات الخارجية للبنوك التجارية بنحو مليار دولار.
وفي السياق ارتفع إجمال تحويلات المصريين العاملين في الخارج بنسبة 51.3 في المئة خلال عام 2024. ووفق البيانات الصادرة عن البنك المركزي المصري، بلغت القيمة الإجمالية لتحويلات المصريين العاملين في الخارج خلال العام الماضي، نحو 29.6 مليار دولار، مقارنة بنحو 19.5 مليار دولار خلال عام 2023.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واستمرت تحويلات المصريين العاملين بالخارج في تحقيق قفزات متتالية عقب الإجراءات الإصلاحية في مارس 2024، إذ تضاعفت خلال ديسمبر لتصل إلى نحو 3.2 مليار دولار (مقابل نحو 1.6 مليار دولار خلال ديسمبر 2023، وهي تدفقات لم تحدث من قبل خلال شهر ديسمبر.
مؤشرات إيجابية تتعلق بتحسن بيئة الأعمال
في حديثه أكد رئيس الحكومة المصرية التوافق مع مفوضة الاتحاد الأوروبي على تفعيل الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وعلى هامش زيارتها كان هناك توقيع لتمويل ميسر بـ90 مليون يورو (97 مليون دولار) لمصلحة الهيئة العامة للسلع التموينية للدولة المصرية، وهذا التمويل مهم في إطار إتاحة كل السلع الاستراتيجية للدولة المصرية خلال الفترة القادمة.
وأوضح أن مؤشر مديري المشتريات يتجاوز 50 نقطة، وهذا يعني أن نظرة القطاع الخاص ومجتمع الأعمال في مصر إيجابية بالنسبة إلى الاقتصاد ونموه، وهذا ما يعطي مؤشراً إيجابياً ويشجع على كل الخطوات الإصلاحية للدولة.