عالمي

بعض جوانب سياسة هاريس الاقتصادية لا تزال غير واضحة

أجمعت أسواق المراهنات في الولايات المتحدة وخارجها على تقدم المرشحة الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس على منافسها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب، في أول مناظرة بينهما ضمن الحملة الانتخابية. وعلى رغم تباين النتائج ما بين سوق مراهنات وآخر فإن المحصلة النهائية لغالب استطلاعات الرأي أعطت هاريس فارقاً جديداً ببضع نقاط عن ترمب.

تجاوزت حظوظ المرشحة الديمقراطية حاجز الـ50 في المئة بينما تراجعت حظوظ المرشح الجمهوري. وحسنت هاريس منذ إعلان ترشحها بعد انسحاب الرئيس الحالي جو بايدن وضع الديمقراطيين في استطلاعات الرأي التي كانت تعطي تقدماً لترمب. وبعد مناظرة ليل الثلاثاء أضافت هاريس ما يزيد على نقطتين مئويتين لفارق تقدمها في استطلاعات الرأي.

وفي غالب استطلاعات الرأي وبيانات أسواق المراهنات كانت قضايا الاقتصاد وكلفة المعيشة والهجرة والإجهاض أهم ما تابعه المشاهدون للمناظرة، وذلك أمر منطقي إذ يصوت الناخبون الأميركيون مثلهم مثل بقية الناخبين في الديمقراطيات الغربية عموماً على أساس قضايا تمس حياتهم اليومية، بينما لا تحظى قضايا السياسة الخارجية وما شابه باهتمام الناخبين، حتى قضايا مثل الهجرة والعلاقات مع الصين إنما يهتم بها الناخبون بقدر ما تؤثر في الاقتصاد ومستوى معيشتهم وتفاصيل حياتهم اليومية.

توضيح السياسة الاقتصادية

من الواضح أن كامالا هاريس التزمت بالابتعاد من التراشق الشخصي وركزت على القضايا الانتخابية ولم تستجب لهجمات ترمب الشخصية، بينما ركز ترمب على مخاطبة القاعدة الصلبة من أنصاره ولم يوفر الهجمات الشخصية على منافسته على اعتبار أن ذلك يعجب مؤيديه أكثر من الحديث عن القضايا المهمة. وفي ملخص للتعليقات على المناظرة نشرته مجلة “فوربس” اليوم الأربعاء كانت هاريس الأفضل في الحديث عن قضايا الاقتصاد وغيرها خصوصاً بالمقارنة مع أداء سلفها في الترشيح الرئيس بايدن.

مع أن أداء هاريس كان الأفضل بمعنى أنها ردت على قضايا اقتصادية بينما اكتفى منافسها بانتقادها من دون تقديم حلول لما ينتقده، إلا أن سياساتها الاقتصادية ما زالت غير واضحة، في الأقل بالنسبة إلى الأسواق والشركات والاقتصاديين والمحللين.

وخلال الأسابيع الأخيرة، طالبت شركات الطاقة المرشحة الديمقراطية بأن توضح بحسم موقفها من قضايا قطاع الطاقة سواء في ما يتعلق بتصاريح الاستكشاف والتنقيب وإنتاج النفط وطرح امتيازات جديدة على أراض ومياه فيدالية، أو بالنسبة إلى إنتاج الغاز وخطوط الأنابيب وعلى وجه الخصوص موقفها من إنتاج الغاز والنفط الصخري. وعلى رغم أن الشركات والأعمال بدأت تميل إلى تأييد كامالا هاريس فإنها تنتظر منها أن تعلن بوضوح عن سياساتها الاقتصادية إذا فازت في الانتخابات خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

ربما تكون شركات الطاقة التي يعبر عن مصالحها أكثر من تجمع مؤثر في البلاد معنية أكثر بتوضيح موقف هاريس وبخاصة في ظل توجه الإدارة الديمقراطية الحالية لدعم خطط إنتاج الطاقة النظيفة على حساب الوقود الأحفوري. وهو أمر أيضاً يهم الناشطين المدافعين عن البيئة وأنصار مكافحة التغيرات المناخية. وذلك على رغم أن إدارة الرئيس بايدن ونائبته كامالا هاريس شهدت خلال فترتها المنتهية آخر هذا العام زيادة إنتاج النفط داخل الولايات المتحدة، لتصبح أكبر منتج في العالم متجاوزة السعودية وروسيا وبمعدل يزيد على 13 مليون برميل يومياً.

السياسة الاقتصادية تجاه الصين

نجحت هاريس في وضع ترمب في موقف الدفاع عن السياسات على رغم هجماته الشخصية عليها. فبالنسبة إلى الصين قالت هاريس إن ترمب “باع البلاد في وقت كان يجب أن تكون فيه سياستنا تجاه الصين هي ضمان فوز الولايات المتحدة بالمنافسة في القرن الـ21”. وأضافت أن ترمب خلال فترة رئاسته السابقة “انتهى به الأمر ببيع الرقائق الإلكترونية من إنتاج الشركات الأميركية للصين بما ساعد الصينيين على تطوير وتحديث قدراتهم العسكرية”.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وانتقدت هاريس سياسة ترمب السابقة والموعودة في ما يتعلق بالعقوبات على الصين وتهمته بأنه “شن حروباً تجارية” لكن في النهاية زيادة التعرفة الجمركية التي يعد بها على كل الواردات ستكون بمثابة “ضريبة مبيعات إضافية” يتحملها المستهلك الأميركي.

ودافع ترمب عن سياسته تجاه الصين التي يعد بفرض رسوم وتعرفة جمركية على كل صادراتها لأميركا بنسبة 60 في المئة، مشيراً إلى أن هاريس ليس لديها سياسة تجاه الصين وأن إدارة بايدن التي هي جزء منها استمرت في تطبيق العقوبات والرسوم الجمركية التي فرضتها إدارته على الصين. وهذا صحيح، لكن إدارة بايدن أضافت عقوبات جديدة منها فرض رسوم جمركية بنسبة 100 في المئة على منتجات صينية في قطاع الكنولوجيا والطاقة النظيفة.

الغاز والنفط الصخري

وخلال المناظرة كان ترمب يوجه الانتقادات أكثر منه يعرض سياساته الاقتصادية المتوقعة. بينما استفادت هاريس من المناظرة لعرض بعض جوانب سياساتها المتوقعة. لكن هناك جوانب تظل غير واضحة وتنتظر الأسواق والأعمال إعلان المرشحة الديمقراطية عن برنامجها المستقبلي في ما يتعلق بها.

ومن النقاط التي انتقد فيها ترمب هاريس محاولاً إخافة شركات الطاقة موضوع الغاز والنفط الصخري وبخاصة في ولاية بنسلفانيا، وهي من الولايات “المتأرجحة” التي يحتاج كل مرشح إلى حسم أصواتها لصالحه. ويعتمد اقتصاد الولاية بقوة على إنتاج الشركات للغاز والنفط الصخري. واتهم ترمب هاريس بأنها ستوقف عمليات النفط الصخري في الولاية. وقال “إذ فازت (هاريس) بالانتخابات فإن إنتاج الغاز والنفط الصخري في بنسلفانيا سيتوقف مع اليوم الأول (من رئاستها)”.

واستند ترمب في انتقاده إلى تصريحات لهاريس عام 2019 بدا فيها أنها تؤيد وقف إنتاج الغاز والنفط الصخري في الولاية. لكن هاريس أوضحت أنها خلال عام 2020 كانت حاسمة برأيها في ألا يفرض حظر على الغاز والنفط الصخري، ولم تؤيد فرض حظر وهي نائبة للرئيس.

ربما غيرت المناظرة قليلاً من نتائج استطلاعات الرأي لمصلحة المرشحة الديمقراطية ونالت قليلاً من حظوظ المرشح الجمهوري، لكنها في النهاية لم تكشف كثيراً عن توجهات السياسة الاقتصادية لأي منهما. حتى في القضايا الحاسمة للتصويت والمتعلقة بتفاصيل الحياة اليومية وكلفة المعيشة للناخبين لم يحصل متابعو المناظرة على إجابات حاسمة حول قضايا اقتصادية مهمة. حتى مسألة أن تكون سياسة هاريس مختلفة بصورة واضحة عن سياسة الإدارة الحالية لم تكن واضحة تماماً.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى