عالمي

بعد 60 عاما من العمل معا… رحيل مونغر الذراع اليمنى لبافيت

خبر كان متوقعاً لكنه سيخلف آثاراً في “وول ستريت“، بعد أن توفي شارلي مونغر، العقل المدبر والذراع اليمنى للمستثمر العالمي وارين بافيت، بعدما أسسا معاً مجموعة “بيركشاير هاثاواي” أحد أكبر وأنجح المجموعات الاستثمارية عالمياً التي تمتلك استثمارات رئيسة بشركات عالمية، أهمها “أبل” و”كوكاكولا” و”بنك أوف أميركا” و”بنك ويلز فارغو” و”أميركان إكسبرس” و”كرافت هاينز”، وغيرها.

قصة ملهمة للاثنين

قصة مونغر وبافيت ملهمة في عالم الاستثمار، كونهما يعملان منذ أكثر من 60 عاماً على نموذج عمل يقتضي فيه الكثير من المستثمرين حول العالم، إذ تتكون فلسفتهما بالاستثمار في أسهم القيمة، أو الشركات المقيمة بأقل من قيمتها الحقيقية، وهي فلسفة تبناها الاثنان من الفيلسوف الاقتصادي بنيامين غرام.

وحقق نموذجهما عوائد سنوية على مدار أكثر من ستة قرون بنحو 20 في المئة، وغالباً ما يتفوقون على المؤشر القياسي لـ”وول ستريت” المعروف بـ”أس أند بي 500″ الذي يقيس أكبر 500 شركة أميركية.

أنجح التحالفات بتاريخ الأعمال

ويعد اتحاد مونغر مع بافيت من بين أنجح التحالفات في تاريخ الأعمال الأميركية، فقد حولا شركة “بيركشاير” ومقرها أوماها بولاية نبراسكا من شركة فاشلة إلى مجموعة تقيم حالياً بأكثر من 600 مليار دولار وبإيرادات سنوية تزيد على 300 مليار دولار.

وبدأت شراكتهما رسمياً في عام 1975 في “بيركشاير”، إذ كان بافيت رئيساً لمجلس الإدارة وأصبح مونغر نائباً للرئيس في عام 1978.

وكان مونغر، المعروف باسم شارلي، مشهوراً بطريقته المقتضبة في شرح المفاهيم الاقتصادية المعقدة، وهو ما اعتبره كثيرون كالأب الروحي للاستثمار، لوارين بافيت أيضاً كان ملهماً بعد أن أخذ الاستثمارات في “بيركشاير” نحو مراحل عدة، فهو العقل المدبر وراء تحول الشركة من الاستثمار بنسب قليلة في الشركات إلى تجميع عدد ضخم في الشركة والاستحواذ عليها.

مواقف مونغر

وكان مونغر معروفاً أيضاً بتعليقاته القاسية، فقد شبه المصرفيين بـ”مدمنين الهيروين” الذين لا يمكن السيطرة عليهم، واصفاً العملة الافتراضية “بيتكوين” بـ”سم الفئران”، بينما قال عن الذهب “إنه يحتضر”، وكان مثل وارين بافيت يهمه الاستثمار في الشركات ذات الإنتاجية وليس في الاستثمارات التي لا تخلق قيمة مضافة مثل الذهب.

اجتماع سنوي بالغ الأهمية

وكان المستثمرون ينتظرون بفارغ الصبر الاجتماع السنوي لشركة “بيركشاير هاثاواي”، إذ كانا يجلسان بجانب بعضهما البعض، ويجيبان على أسئلة المستثمرين لمدة تقارب خمس ساعات متواصلة، إذ كان هذا الاجتماع بمثابة خريطة طريق للاستثمار العالمي، حيث يلحق المستثمرون تحركات مونغر وبافيت في أية قطاعات أو أسهم يستثمرون فيها أو يتطلعون للاستثمار فيها.

وقال مونغر في الاجتماع السنوي لعام 2023 “أنا أقل تفاؤلاً بعض الشيء من وارين”، مما أثار الضحك في الاجتماع بعد أن أعرب بافيت عن تفاؤله المألوف بمستقبل أميركا، وقال مازحاً “أعتقد أن أفضل طريق لتحقيق سعادة الإنسان هو أن نتوقع أقل.”

ترقب الخلافة

وتترقب الأسواق الآن من سيخلف مونغر ولاحقاً بافيت بعد وفاته، في ظل توقعات أن يتسلم اثنان من كبار المديرين التنفيذيين هما جريغ أبيل وأجيت غاين القيادة، إضافة إلى التنفيذيين أيضاً تود كومز وتيد ويشلر، المعروفين بـ”تيد وتود”، وهما يقودان المحفظة الاستثمارية لـ”بيركشاير” بعدما أخذا الشركة نحو الاستثمار في التكنولوجيا للمرة الأولى في شركة “أبل“.  

نموذج العمل

وكان مونغر وبافيت يتجنبان بصورة عامة شركات التكنولوجيا وغيرها من الشركات، فهما لا يدخلان مجالاً لا يفهمان فيه، لذلك لم تتأثر المجموعة بعد انفجار فقاعة الدوت كوم في أواخر التسعينيات.

وكان نموذج عملهما في الاستثمار في شركات لديها أصول وعمليات تشغيلية، فمثلاً ركزا على شراء خط السكك الحديدية “بي أن أس أف” في عام 2010، وشركة “هاينز” لصناعة الكاتشب، التي اشترتها “بيركشاير” وشركة الأسهم الخاصة “جي كابيتا” في عام 2013.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي وقت لاحق، دمجت “بيركشاير” مع “كرافت”، وكان مونغر من اقترح أن يقوم بافيت بواحدة من الاستثمارات القليلة غير الأميركية لـ”بيركشاير”، في شركة السيارات والبطاريات الصينية “بي واي دي”.

حكيم أوماها وباسادينا

وكان المعجبون بشخصيتهما يطلقون لقب “حكيم أوماها” على بافيت باعتباره يعيش في مدينة أوماها، بينما أطلقوا على مونغر “حكيم باسادينا” وهي مدينة في ولاية كاليفورنيا حيث سكن معظم حياته.

لكن من المفارقة أن مونغر الذي ولد في أوماها في يناير (كانون الثاني) عام 1924، عمل ذات يوم بدوام جزئي في بقالة أوماها التي كان يديرها إرنست بافيت، جد وارين بافيت، لكن الاثنين لم يلتقيا أبداً في ذلك الوقت، إذ يكبر مونغر بافيت بست سنوات ونصف.

وعاش مونغر بصورة متواضعة وكان يقود سيارته الخاصة، على رغم أنه استخدم كرسياً متحركاً في سنواته الأخيرة|، وكان الاثنان من المتبرعين الكبار بثروتهما. وقبل وفاته، تعهد بأكثر من 100 مليون دولار في عام 2013 لبناء مساكن في جامعة ميشيغان، علماً أنه توفي بثروة تقارب مليارين ونصف المليار دولار.




Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى