“الفيدرالي” يحذر من تزايد الأخطار الجيوسياسية على النظام المالي العالمي
حذر مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي)، من أن التوترات الجيوسياسية المتصاعدة تشكل تهديداً للنظام المالي العالمي وسط تزايد أخطار ارتفاع التضخم وتباطؤ النمو.
وفي تقرير الاستقرار المالي الأخير الذي يصدره مرتين سنوياً، أشار البنك المركزي الأميركي إلى احتمال حدوث “تداعيات سلبية واسعة النطاق على الأسواق العالمية” في حالة اشتداد الصراع في الشرق الأوسط والحرب في أوكرانيا أو ظهور ضغوط في أماكن أخرى.
وقال التقرير، “إن تصاعد هذه الصراعات أو تفاقم التوترات الجيوسياسية الأخرى يمكن أن يقلل النشاط الاقتصادي ويعزز التضخم في جميع أنحاء العالم، بخاصة في حال حدوث اضطرابات طويلة الأمد في سلاسل التوريد وانقطاع الإنتاج”.
وأضاف “المركزي الأميركي”، “يمكن أن يتأثر النظام المالي العالمي بالتراجع عن المخاطرة، وانخفاض أسعار الأصول، وخسائر الشركات والمستثمرين المكشوفين، بما في ذلك أولئك الموجودون في الولايات المتحدة”.
التقرير الذي شدد على أن النظام المصرفي بشكل عام لا يزال “سليماً” وأن المستهلكين والشركات أثبتوا حتى الآن مرونتهم في مواجهة ارتفاع أسعار الفائدة، يأتي في الوقت الذي تستعد فيه تل أبيب لهجوم بري متوقع على غزة في أعقاب الهجوم على إسرائيل من قبل “حماس” في وقت سابق من هذا الشهر.
ارتفاع عجز “الفيدرالي الأميركي”
وحذر رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، من أن التوترات الجيوسياسية “تشكل أخطاراً كبيرة على النشاط الاقتصادي العالمي وتحمل تداعيات غير مؤكدة للغاية”.
وأشار باول الخميس الماضي إلى أن التركيز المتزايد على عبء الديون الأميركية قد يلعب دوراً أيضاً، فوفقاً للأرقام الصادرة عن وزارة الخزانة الجمعة، ارتفع العجز الفيدرالي إلى 1.7 تريليون دولار، مقارنة بـ1.37 تريليون دولار في عام 2022.
وارتفعت تكاليف الاقتراض على مستوى العالم في الأسابيع الأخيرة مع ارتفاع عائدات سندات الخزانة لجميع آجال الاستحقاق بشكل حاد، ويتم تداول السندات القياسية لأجل 10 سنوات الآن بما يقرب من خمسة في المئة للمرة الأولى منذ عام 2007، في حين أن العائدات لمدة عامين تحوم عند أعلى مستوى لها منذ 17 عاماً.
ومنذ تقريره السابق في مايو (أيار) الماضي، وجد بنك الاحتياطي الفيدرالي أن سيولة سوق الخزانة بشكل عام ظلت أقل من المستويات التاريخية، مما يشير إلى أن المشاركين في السوق حذرين بشكل خاص.
وبينما استوعبت الشركات والأسر أسعار الفائدة المرتفعة بسهولة نسبية، أشار البنك المركزي إلى أن بعض المقترضين الخطرين بدأوا يشعرون بضغوط أكبر.
ويأتي أحدث تقرير لبنك الاحتياطي الفيدرالي أيضاً في أعقاب ارتفاع حاد في تكاليف الاقتراض العالمية مع تكيف الأسواق المالية بسرعة لتعكس التوقعات بأن الاقتصاد الأميركي المرن من المرجح أن يحافظ على سعر الفائدة الأساس لبنك الاحتياطي الفيدرالي عند مستويات مرتفعة لفترة طويلة من الزمن.
في حين أن سرعة وحجم الارتفاع الأخير في أسعار الفائدة كان سبباً في إثارة المخاوف من تفاقم حالة عدم الاستقرار المالي، إذ صرح أحد كبار مسؤولي صندوق النقد الدولي أخيراً لصحيفة “فايننشال تايمز” بأن هناك الآن “خطراً متزايداً” بحدوث نوع ما من التداعيات.
نضوب الائتمان
وكان استمرار التضخم بشكل غير متوقع، دفع البنوك المركزية إلى الاضطرار إلى رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر، وحذر بنك الاحتياطي الفيدرالي ليس فقط من زيادة تقلبات السوق، ولكن أيضاً من “تباطؤ اقتصادي كبير” مع نضوب الائتمان واضطرار الأسر والشركات الضعيفة إلى تقليص الإنفاق.
وحذر تقرير “المركزي الأميركي”، من إمكانية أن يشكل التباطؤ بهذا الحجم تهديداً لقطاع العقارات التجارية على وجه الخصوص، مما قد يؤدي إلى “خسائر كبيرة لمجموعة من المؤسسات المالية ذات التعرض الكبير، بما في ذلك بعض البنوك الإقليمية والمجتمعية وشركات التأمين” على حد قوله.
وقال التقرير إن ذلك قد يدفع في نهاية المطاف بعض المقرضين إلى التراجع أكثر، الأمر الذي “سيزيد من الضغط على النشاط الاقتصادي”.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحذر الرئيس التنفيذي لبنك “جيه بي مورغان تشيس”، جيمي ديمون، الأسبوع الماضي، من أن اللحظة الحالية قد تكون “أخطر وقت شهده العالم منذ عقود”.
وقال ديمون، “أعتقد أن الجغرافيا السياسية هي مجرد قضية استثنائية يتعين علينا التعامل معها”.
المعركة ضد التضخم والتأخر عن السداد
من جانبها ابتهجت البنوك بالخسائر وحالات التأخر في السداد حتى الآن، التي لم ترتفع إلى مستويات مرتفعة منذ أن بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في رفع سعر الفائدة القياسي في معركته ضد التضخم، وهي مرونة أشار إليها البنك المركزي في تقريره.
ومع ذلك، حذر الرئيس التنفيذي لبنك “غولدمان ساكس”، ديفيد سولومون، هذا الأسبوع من أنه “على مدى الربعين أو الأرباع الأربعة المقبلة، سيكون تأثير هذا التشديد أكثر وضوحاً وسيؤدي إلى تباطؤ في بعض المناطق”.
وقال “سمعت أثناء تفاعلي مع الرؤساء التنفيذيين، بخاصة في ما يتعلق بالشركات الاستهلاكية، أن هناك بعض الليونة، بخاصة في الأسابيع الثمانية الماضية في بعض سلوكيات المستهلكين”.