الشركات الأميركية تستعد لتعريفات “ترمب” الجمركية بزيادة الأسعار
كانت التعريفات والرسوم الجمركية من الكلمات الدارجة على لسان دونالد ترمب في حملته الانتخابية على رغم الخسائر التي تتسبب فيها للاقتصادات وتوسع تحذيرات الاقتصاديين من التوسع في فرضها، خصوصاً أنها ستقود إلى ارتفاعات كبيرة في الأسعار.
في تصريحات سابقة، قال الرئيس التنفيذي لشركة “أوت زون” فيليب دانييلي، “إذا حصلنا على تعريفات جمركية، فسنعيد كلف التعريفات هذه إلى المستهلك”، مشيراً إلى أن شركته لن تحتاج أيضاً إلى الانتظار حتى تفعل السياسات، قائلاً “بمجرد معرفة هامش الربح، سنرفع الأسعار قبل ذلك”.
والتعريفات الجمركية هي ضريبة على السلع المستوردة مثل الملابس والأحذية ولعب الأطفال وقطع غيار السيارات والأجهزة، لكن الأموال الإضافية لا تأتي من الشركات الأجنبية التي تنتج تلك السلع، وتدفع الشركة الأميركية المستوردة الأموال إلى وزارة الخزانة الأميركية.
وفي معظم الأحيان، هذا يعني أنك، المستهلك الأميركي هو من سيدفع ثمن هذه التعريفة في نهاية المطاف.
توسع حروب التجارة بين واشنطن وبكين
وهذه ليست تكهنات أو نظرية، إنها مجرد طريقة عمل التعريفات الجمركية، وكانت السنوات الست الأخيرة من التجارة العالمية كافية لإثبات ذلك.
في عام 2018، خلال فترة ولايته الأولى، فرض ترمب تعريفات جمركية بنسبة تراوح ما بين 30 إلى 50 في المئة على البضائع المستوردة من الصين، مما أجبر بكين على الرد بتعريفاتها الجمركية على البضائع الأميركية مثل الألومنيوم والطائرات والسيارات ولحم الخنزير وفول الصويا، وتسببت هذه التعريفات في نشوب حرب تجارية بين واشنطن وبكين.
ربما لم تلاحظ التغييرات دفعة واحدة، وقد جاء الوباء ليفسد سلاسل التوريد ويدفع الأسعار إلى الارتفاع، لكن العديد من الدراسات خلصت إلى أن كلفة تلك التعريفات يتحملها المستهلكون والشركات الأميركية بالكامل تقريباً.
وبحلول نهاية عام 2019، دفعت الأسرة الأميركية المتوسطة ما يقارب من 500 دولار إضافية في المتوسط سنوياً، وفقاً لأحد التحليلات.
هذه المرة، اقترح ترمب فرض تعريفة جمركية 20 في المئة على جميع الواردات الأميركية، وهو أمر لم تشهده السوق الأميركية من قبل، بل وحتى رسوم أكثر صرامة بنسبة 60 في المئة ضد الصين وغيرها من الشركاء التجاريين الرئيسين.
وقد تكلف هذه السياسة الجذرية الأسرة الأميركية المتوسطة الدخل أكثر من 2600 دولار سنوياً، وفقاً لبحث أجراه معهد “بيترسون” للاقتصاد الدولي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولأكثر من مرة حاول ترمب تبرير أو مغالطة الحقيقة مدعياً أن الكيانات الأجنبية ستدفع كلف إضافية، لكن التفسير الأكثر سخاء لخطة ترمب التعريفية هو أنه يحاول إجبار الشركات الأميركية على نقل عملياتها الخارجية مرة أخرى إلى الأراضي الأميركية، مما يخلق فرص عمل.
ولكنك لا تحتاج إلى ماجستير في إدارة الأعمال أو شهادة في الاقتصاد لتعرف أن العمالة في الولايات المتحدة باهظة الثمن، وهذا من شأنه أن يدفع الأسعار إلى الارتفاع.
وحتى لو كانت التعريفات الجمركية قادرة على إلغاء عقود من العولمة، فمن المرجح ألا يكون لها التأثير الذي يأمل ترمب في تحقيقه.
ويرى الرئيس التنفيذي لشركة “كولومبيا سبورتسوير” تيموثي بويل، أن “الحجة حول الرسوم الجمركية التي تعمل على تحسين الإنتاج المحلي لسلع مثل الأحذية والملابس مغالطة، تعتبر السلع التي نتعامل معها من الأحذية والملابس من بين السلع ذات التعريفات الجمركية الأعلى في الولايات المتحدة، وبعض المنتجات تحمل ما يصل إلى 40 في المئة من الرسوم الجمركية، وهذا لم يترجم إلى زيادة الاستثمار في الإنتاج المحلي”.
الشركات بدأت التخطيط لرفع الأسعار
وفي مقابلة مع صحيفة “واشنطن بوست”، الأسبوع الماضي، كان بويل أكثر مباشرة، إذ قال إن الشركة تخطط بالفعل لرفع الأسعار.
وتابع “نحن نشتري الأشياء اليوم للتسليم في الخريف المقبل، لذلك سنتعامل مع الأمر وسنرفع الأسعار، وسيكون من الصعب للغاية إبقاء المنتجات في متناول أيادي الأميركيين”.
وأضاف “لنكن واضحين، لن تحصل جميع المنتجات على زيادة فورية في الأسعار”.
وتميل الشركات الكبيرة ذات الهوامش الأوسع إلى أن تكون قادرة على استيعاب جزء في الأقل من الكلفة المضافة قبل تمريرها إلى المستهلكين.
فيما أشارت شبكة “سي أن أن”، إلى إحدى مساعي ترمب الربحية، وهي كتاب ترمب المقدس، الذي كشفت وكالة “أسوشيتد برس” الشهر الماضي أنه منتج لشركة طباعة مقرها الصين (وهي ليست ممارسة غير مألوفة في عالم النشر، ولكنها مثيرة للسخرية مع ذلك بالنسبة لسياسي قضى سنوات في انتقاد السياسات التجارية للصين). وقد جدت الوكالة أن “أناجيل ترمب” التي تبلغ قيمتها 59.99 دولاراً تكلف أقل من 3 دولارات لكل كتاب للطباعة.
وبهذا النوع من العلاوات، ربما تتمكن الشركة المملوكة لترمب التي تنتج الأناجيل من ابتلاع كلفة تعريفات الرئيس، إضافة إلى رسوم الشحن وغيرها من الرسوم، دون رفع الأسعار. ويمكن للشركات الكبرى مثل “وول مارت” و”تارغت” أن تتمكن من الحفاظ على ثبات الأسعار نظراً لحجمها، وقدرتها على التفاوض على الشروط مع مورديها.
لكن الشركات الصغيرة، التي توظف ما يقرب من نصف القوى العاملة الأميركية، ليست في نفس الوضع. وهي في الغالب عبارة عن عمليات ذات هامش ضيق وحجم كبير مع مساحة أقل للمناورة فيما يتعلق بالأسعار. وفي معظم الأحيان، يعني ذلك أن على الشركات إما رفع الأسعار أو خفض الكلف بصورة كبيرة، وهنا تبدأ عمليات تسريح العمال.