عربي

الرؤية تحول السعودية من رهينة للنفط إلى اقتصاد متنوع أكثر من نصفه “غير نفطي”

بعد مرور 9 أعوام على إطلاق رؤية السعودية 2030 في 25 أبريل 2016، تحول الاقتصاد السعودي من الاعتماد على النفط إلى تنوع في الإيرادات والأنشطة الاقتصادية الداعمة للناتج المحلي حتى أصبح القطاع غير النفطي يمثل أكثر من نصف الاقتصاد والقطاع الخاص 47% لأول مرة، وبات 40% من الإيرادات الحكومية “غير النفطية” مقابل 27% في 2015، بل 10% قبل ذلك.

الوضع الحالي يقارن قبل الرؤية باقتصاد يعتمد في 90% من إيراداته على النفط بالتالي كان رهينة لأي تقلبات في أسواق الخام، فكان المتحكم الرئيس في عجلة التنمية والخطط التنموية، لذا كان تنوع الاقتصاد العصب الرئيس لرؤية 2030 الذي يمثل تحقيقه نجاحا لبرنامج الإصلاح الاقتصادي بشكل شبه كامل، كون جزء كبير من بقية الأهداف يعتمد على هذا التنوع.

ما الذي حدث؟

ركز التنوع الاقتصادي على تنمية القطاع غير النفطي، ولا سيما القطاع الخاص عبر 3 محاور رئيسية، الأول إعادة هيكلة صندوق الاستثمارات العامة ليصبح فاعلا في الاقتصاد ومحركا رئيسا له عبر تركيزه على الاستثمار في قطاعات اقتصادية واعدة.

من أبرز هذه القطاعات، التعدين، الصناعة، الخدمات اللوجستية، التقنية، السياحة، الترفيه، ليلعب دورا رئيسا في دعم القطاع غير النفطي.

من ناحية أخرى، تم طرح حصة من شركة أرامكو السعودية لاستخدام التدفقات النقدية الناتجة عنها في تنويع الاقتصاد عبر الاستثمار في القطاعات غير النفطية، فيما ثالث المحاور كان خصخصة العديد من القطاعات التقليدية مثل المطاحن والمطارات وقطاعات مستهدفة أخرى وجاري العمل عليها مثل الصحة والتعليم والمياه وغيرها.

نتائج الإصلاح

هذه الجهود دعمت مواصلة نمو الاقتصاد السعودي بـ32% منذ 2016 حتى نهاية 2024 ليصل إلى 3.51 تريليون ريال، محققا 98% من المستهدف البالغ 3.59 تريليون، فيما يأتي عدم تحقيق المستهدف كاملا إلى استخدام منهجية جديدة لقياس الناتج وهي السلاسل المتحركة.

فيما يخص النمو بلغ نمو سنوي مركب خلال الفترة 1.79% ما عدا 2020 تزامنا مع جائحة كورونا، فيما نما الناتج الإجمالي الحقيقي 1.3% في 2024 بدعم نمو القطاع غير النفطي 4.3%.

 

 

القطاع غير النفطي و”الخاص”

القطاع غير النفطي والقطاع الخاص حققا أعلى مستوياتهما تاريخيا مع تنوع الاقتصاد عند 51% و47% على التوالي، ليتجاوز القطاع المستهدف لعام 2024 البالغ 46%، ويتجاوز خط الأساس بـ6 نقاط مئوية، فيما مستهدف بلوغه 65% في 2030.

تتواءم مراحل التحول للقطاع الخاص مع مراحل تنفيذ رؤية السعودية 2030، كانت المرحلة الأولى ركزت على قاعدة صلبة والإصلاحات اللازمة لدعم القطاع مثل برنامج تيسير لتحسين بيئة العمل الذي نفذ 900 إصلاح تنظيمي، سهلت إجراءات الاستثمار وجذبت المستثمرين.

بجانب ذلك تم إنشاء المركز الوطني للتنافسية لتعزيز الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، وإزالة العقبات التي تعوق النمو الاقتصادي.

تمثلت المرحلة الثانية في جذب الاستثمارات وتمكين القطاع الخاص عبر إطلاق الاستراتيجية الوطنية للاستثمار مع خلق بيئة محفزة وسهل دخول الشركات الأجنبية.

هذه العوامل أدت لاستثمارات كبيرة في قطاعات واعدة مثل السياحة والترفيه والتقنية، ما أدى بدوره لزيادة المستثمرين الدوليين 10 أضعاف 2016، وزادت الاستثمارات غير النفطية من 354 مليار ريال في 2020 إلى 797 مليار ريال في 2023 متجاوزة المستهدفات.

المرحلة الثالثة تتمثل في التنفيذ الكامل للمشاريع العملاقة بشراكة القطاع الخاص مثل نيوم والبحر الأحمر وغيرها، ما يوفر الكثير من الفرص أمام القطاع.

كما تركز هذه المرحلة على استدامة القطاع وإستقلاليته وتقليل الاعتماد على الدعم الحكومي المباشر مع ضمان استمرار الفرص في التصنيع المتقدم والذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي ، مما يعزز مكانة القطاع بوصفه داعما للنمو الاقتصادي بوصوله لمستهدف مساهمته في الناتج عند 65% في 2030.

 

 

الإيرادات غير النفطية

الإيرادات غير النفطية قفزت 171% منذ 2016 لتبلغ 502.5 مليار ريال صاعدة أكثر من 200% عن مستويات 2015 قبل الرؤية، فيما أصبحت تمثل 40% من إجمالي إيرادات الدولة في 2024 وتمول 37% من الانفاق الحكومي للعام ذاته، مقابل 27% و17% على التوالي في 2015 قبل الرؤية، فيما كان المعدلين قرب 10% فقط قبل 2015.

ساهم هذا التنوع في التحرر من الاعتماد على الإيرادات النفطية وحدها، ما يمنح استدامة في الانفاق ودفع عجلة التنمية دون التأثر بتقلبات أسعار النفط بشكل كبير.

 

 

تنويع الاقتصاد وإعادة هيكلة الميزانية دفعا المؤسسات الدولية لمنح السعودية توقعات نمو إيجابية تضعها بين الأفضل في دول العشريين، كذلك تصنيفات ائتمانية من بين الأعلى عالميا من حيث الجدارة الائتمانية لتكون منافسا للصين واليابان.

 

 

لماذا التنوع شريان الرؤية؟

ويعد تنويع الاقتصاد شريان الرؤية الرئيس لأن نجاحه ينعكس على نجاح معظم مستهدفات الرؤية الأخرى.

على سبيل المثال لا الحصر، تنويع الاقتصاد والاستثمار في قطاعات جديدة مثل السياحة والترفيه والخدمات اللوجستية يزيد ناتجها المحلي ويدعم تحقيق أهدافها مثل ارتفاع مساهمة السياحة في الناتج إلى 4.4% وتجاوز مستهدف 100 مليون سائح محلي ووافد من الخارج.

تنويع الاقتصاد والتركيز على قطاعات جديدة يزيد إيرادات هذه القطاعات بالتالي الإيرادات غير النفطية إجمالا كما حدث وتجاوز 500 مليار ريال في 2024.

كذلك دعم القطاع الخاص يدفعه لخلق عدد أكبر من الوظائف ما يسهم في خفض البطالة، وهو ما حدث بخفض معدل البطالة إلى 7% في 2024 ليصل إلى مستهدف 2030 قبل الموعد بـ6 أعوام.

كما دعم تنويع الاقتصاد إلى زيادة مضطردة في الاستثمارات الأجنبية ليزيد المستثمرين الأجانب 10 مرات مقارنة بـ2016 وتجاوزت الاستثمارات الأجنبية المستهدفات.

وحدة التحليل المالي

 


Source link

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى